responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 308
فجبال عسير والنفود والتلال والأزد وزهران والجنوب، والجبال والمهود، والسواحل في عسير كلها من بيئة الشاعر، التي عاش تجربتها، وخصبت خياله من مواقعها وإيحاءاتها وتاريخها المجيد.
ولم يسلم العسيري من خبط في بعض الصور الأدبية التي لا تغض من شاعريته بحال، وإنما هي مثل الملح في الطعام مثل قوله تصوير النابه الذي يحاب الغر السفيه:
يهد العمر كي يبني حياة ... تشل البؤس أو تقضي عليه
ويحفر في قلوب الناس نبعًا ... رحيق العدل يسقي شاطئيه
فيقبر في تراب الذل أجرًا ... ويسعى رغبة الغر السفيه1
فالشاعر يريد من وراء هذه القصيدة الأدبية أن يصور النابه حين يقضي عمره في بناء الحياة بالعلم، الذي يقضي على البؤس والشقاء ليحل محل العدل بين الناس، وبذلك ينال أجرًا من الله -عز وجل، وفي نفس الوقت يقضي على الرغبات المدمرة للغر السفيه، لكن الصورة هنا عجزت عن أداء هذا المعنى، بل تناقضت أجزاؤها في التصوير.
فالنابه الذي يبني الحياة ويهدم البؤس، لا يعد عمره هددًا "يهد"، بل يعد بناء وخلودًا، وبقاء بهذا العمل، فكان ينبغي أن يقول: "يسمو" أو على الأقل "يقضي"، ومن يعمر قلوب الناس بنبع العدل، لا يصح أن يوصف هذا بالحفر، بل يوصف "بالتفجير" فيقول: "يفجر في قلوب الناس نبعًا".
ومن ينشر العدل لا يقبر الأجر ويدفنه، بل الأولى أن يحيا الأجر ويبقى، لا في تراب الذل، بل في ساحة الرضى والقبول، فيقول: "فيحيى في سماء العز أجرًا".
وأظن أن كلمة "يسعى" لا ترتبط بمعنى البيت، والصواب فيها لكي يصح المعنى: "ويسعر رغبة الغر السفيه" أي عمل النابه يحرق رغبات الغر السفيه.
وهذا كله يدل على التناقض بين أجزاء الصورة، كنت أود ألا يقع الشاعر في مثل هذا، ولكن كما يقولون لكل جواد كبوة، ولكل فارس نبوة.
ومن التناقض أيضًا في التصوير الأدبي عند الشاعر قوله:
فهذي الشروق سموم الحياة ... ستمضي بنا فوق نعش السرور
تناقض عجيب؟ هل للسرور نعش؟ وما أبعد اللفظان في تصوير المعنى، فالسرور

1 الديوان: 84.
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست