responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 298
ثانيًا: الرثاء
وهذا الغرض لا تجده إلّا في قصيدة واحدة من ديوانه، ويخرج فيها الشاعر على النمط التقليدي المعروف في الرثاء القديم؛ من ذكر مآثر المرثي ومحامده التي اتصف بها في الماضي، وبذ أقرانه فيها، بل مضى الشاعر في هذا الغرض يسير على مذهبه الشعري الوجداني الإبداعي من التغني بأحزانه وآلامه، ويسكب دموعه وعبراته من وجدانه على نفسه، ثم يتأمل حقيقة الحياة في تيهٍ وحيرة، يقول في قصيدته "دموع الحياة" ويهديها إلى روح الملازم عمر سلطان الطجل:
أتاني يقول فقدنا الصديق ... فقدنا الخطيب فقدنا "عمر"
تأملت ما قاله في خشوع ... وغامت ظنوني وحار النظر
ثم يدير العسيري حوارًا بينه وبين الحياة في ثوب قاتم حزين؛ ليقف من خلال الحوار على حقيقة الحياة والموت، والشك واليقين، والناس يركبون زورق الحياة، يسيرون في ظلام دامس، فمنهم من ضل وارتدى لباس الرياء، وطوى قلبه عذاب الحياة، فيرسو زورقه في سقر، وطوبى لزورق أعطى راكبه حق الحياة، وحق الآخرة معًا، وخشي الله وشكره، يقول:
أرى في الوجود دموع الحياة ... تسيل على خدها تحتضر
فتحفر في الخلد جرحًا عميقًا ... عليه أرى قوة المقتدر
فأهمس للنفس في رهبة ... أراك تمجين هذا الأثر
فقالت: أراك تقول الحقيقة ... إن الحقيقة شيء أمر
أمر من الموت لو تعلمون ... وأسمى طبائع من يقتدر
أتسمح للفكر في رحلة ... تجوب المعاني وتملي العبر
فقلت: المعاني في عصرنا ... عليها من الشك ثوب ستر
ففي الشك بحث كذا وفي اليقين ... علوم يجادل فيها البشر
رأيت الشك بحث كذا وفي اليقين ... علوم يجادل فيها البشر
رأيت الحياة لها مركب ... عليه من الشك زاد السفر
فما تتمناه من غاية ... فعمَّا قليل تراها تضر
نعيش الحياة على زورق ... يسير بنا في ظلام فغر
ومرساه صعب لمن يرتدي ... لباس الرياء وقلبًا فجر
فوارحمتاه لمن قد حوى ... عذاب الحياة ويلقى سقر
وطوبى لمرء رأى في الحياة ... سرورًا يزول فهاب الأخر
وعاش يغني لما في الوجود ... ويشكر ربي على ما أمر
وأقصى ما يذكره العسيرى من ثناء الراحل أنه فقد فيه الشباب الناضر، وفقد في نفسه المعاني لمن يبتغيها منه، فهو في حيرة من أمره، فقد سيق الصديق المرحوم إلى رمسه في

اسم الکتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية المؤلف : علي علي صبح    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست