اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 69
على أن هذه الحدود التي يحدُّ بها القانون من حرية الصحافة في بعض الأوقات, أشبه ما تكون بعلامة الخطر أو الإنذار التي نجدها أحيانًا في الطريق العام, وليس من الحكمة مطلقًا أن يتجاهل العاقل هذه الأشياء، ولكن ليس معنى ذلك أيضًا أن يبالغ في خوفه منها مبالغةً تشل حركته، وتحدُّ من نشاطه وقوته؛ فالصحفيُّ المقيد قلَّمَا يكتب شيئًا له قيمة، والصحفيّ متى فعل ذلك حكم على نفسه وعلى جريدته بالجمود الأبديّ، وحَالَ بين أمته وبين أن تتطور وتتقدم، وربما كان ذلك بعض ما عناه الدكتور محمد كامل مرسي؛ حيث قال:
"والذين يدعون مخلصين إلى التوسع في توفير الحريات الفردية, إنما يدعون إلى ذلك على اعتبار أن الإنسان بفضل ما بلغه من المستوى الرفيع في أمور الاجتماع، وفي الأخلاق، وفي الثقافة، خليقٌ أن يدرك واجباته نحو الدولة، ونحو المجتمع، ونحو سائر المواطنين، بحيث لا يحتاج الحال إلى تقييده بقيود, ونظمٍ تقلل من نشاطه الاجتماعيّ، على اعتبار أن الحرية نفسها -مع بعض المراقبة- كفيلةٌ بتنظيم نفسها, وبتطورها مع الزمن إلى الأصلح والأنفع1".
هذا هو منطق الحكام ورجال القانون والقادة والزعماء.
أما الأدباء ورجال الفنون بوجهٍ عامٍّ, فإنهم يبغونها حريةً واسعةً لا حدَّ لها، ويؤمنون إيمانًا لا يمازجه الشك بأن الحرية -مهما حشد لها الظالمون، وبيت لها المتآمرون، وكاد لها الكائدون- لا بد وأن تبلغ ما تريد.
وقف الأستاذ أنطون الجميل في مجلس النواب المصريّ يومًا, وطالب الحكومة المصرية بمثل هذه الحرية، واستشهد في كلامه بأبياتٍ للشاعر خليل مطران قال فيها:
1 حرية الرأي" لمؤلفه الدكتور رياض شمس، المقدمة بقلم الدكتور محمد كامل مرسي.
اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة الجزء : 1 صفحة : 69