responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة    الجزء : 1  صفحة : 30
واجتناب المبتذل، وفيها طموح إلى الجديد, لم يكن يألفه الكتاب, وكثر انتشار المباحث العلمية الحديثة في مصر والشام بفضل المجلات والصحف والكتب، واشتدت حركة إحياء الأدب العربيّ في القطرين, وقرأ الناس العلم والأدب الغربيين، فنشطت عقولهم, وقرأوا الأدب العربيّ القديم, فاستقامت ألسنتهم وأقلامهم.
ولم يكد ينتهي القرن الماضي حتى كان الجهاد بين القديم والجديد في لغة الفن الصحفيّ قد تطور غريبًا, فأصبح أنصار القديم لا يستمسكون بركاكة الجبرتي، ولا يحرصون على بديع ابن حجة, وإنما يستمسكون بقديم بغداد وغيرها من أمصار البلاد العربية في العصر العباسيّ، ويستمسكون بصحة اللفظ من الوجهة اللغوية, وبراءته من العامية والابتذال, وأصبح أنصار الجديد لا ينفرون من البديع والبيان، فقد استراحوا من البديع والبيان، وإنما ينفرون من الإغراق في هذا الأدب العربيّ القديم، ويطمحون إلى تقليد الأدب الغربيّ الحديث, واصطناع الألفاظ الأوروبية والأعجمية.
اشتد الجهاد بين أنصار القديم والجديد في العقد الأول من هذا القرن، وكان السوريون بنوعٍ أخص من أشد الناس نصرًا للجديد, وكان شيوخ مصر هؤلاء الذين توسطوا بين الأزهر والمدارس المدنية؛ لأنهم تخرجوا في دار العلوم من أشد أنصار القديم، وكان العلم يزداد انتشارًا, والشباب يزداد إمعانًا في الاتصال بأوروبا، والتغذي بما فيها من علمٍ وأدبٍ، ثم كانت حركة وطنية في مصر قويةً عُنِيَت بها الصحف, واندفعت فيها اندفاعًا شديدًا, وكان الشبان قوة هذه الحركة، ومن الذي يستطيع أن يأخذ الصحف المندفعة في حركتها السياسية بملاحظة القديم وانتقاء الألفاظ؟ ومن الذي يستطيع أن يأخذ الشباب التأثر بأن يتقيد بالقاموس أو لسان العرب؟ وكان هذا كله صدمةً عنيفةً لأنصار القديم من الكتاب والشعراء, ذلك لأن الحركات السياسية نقلت الكتابة عن بيئتها القديمة إلى بيئاتٍ جديدةٍ, ما كانت لتكتب لولا هذه الحركات، فقد كانت الكتابة -كما كان العلم- حظًّا مقصوًا على بيئةٍ خاصةٍ من الناس، ثم أصبحت الكتابة -كما أصبح العلم- حظًّا شائعًا في الناس جميعًا، ومن ذا الذي يستطيع أن يأخذ الناس جميعًا بالتحرج فيما يكتبون, والتقيد بمعاجم اللغة وأساليب القدماء؟ وكانت الحرب العظمى فاشتد الاتصال والمخالطة بين المشرق والغرب، وانتهيا إلى حدٍّ لم يعرف من قبل، ثم انتهت هذه الحرب ونتج عنها ما نتج من هذه الثورة السياسية العامة في الشرق العربيّ كله، وأثر

اسم الکتاب : المدخل في فن التحرير الصحفي المؤلف : عبد اللطيف محمود حمزة    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست