اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 90
حتَّى سلكنَ الشَّوى منهنَّ في مَسَكٍ ... من نَسْل جوَّابةِ الآفاقِ مِهْداجِ
أي إذا أدخلنَ قوائمهنَّ في الماء فصار لها بمنزلة المَسْك.
العنبر
العين والباء والراء تضعها العرب لجواز الشيء ومصبِّه وقلة تمكُّنه ولُبثه، وهو متصل ونونه زائدة، كأنه عبر البحر بنفسه. وهو يجيء طفاوة على الماء لا يدري أحد معدنه. وعبرت الرؤيا: أخرجتها من حال النوم إلى حال اليقظة، كعبور البحر من جانب إلى جانب. وناقة عُبْرُ أسفارٍ، أي يقطع بها الطريق ويُعبر.
والعنبر سمكة في البحر، والعنبر التُرس، والعنبر اسم قبيلة. والعنبرة شدَّة الشتاء. وسميت الشِّعرى العَبور لأنها عبرت المجرة، والاعتبار بالشيء إنَّما هو التمثل بين حاليه، والعِبرة على فِعلة نوع منه كالركبة والقعدة والعَبرة الدمعة لعبورها العين وخروجها من الجفن.
وعلى ذكر العنبر وخروجه وعبوره، فإن ثلاثة أشياء لا يعرف أحد معدنها. أحدها العنبر، وهو يجيء طفاوة على وجه الماء، والثاني المومياي بأرض فارس، ومعناه موم آي، أي شمع الماء. ولا يدري أحد من أين يجيء أوْ ينبع. وله بيت مقفل على بابه، وعليه حرس عدول يفتحونه كل سنة بأمر السلطان وحضور المشايخ. وفي مجرى الماء حوض نُصبت عليه مصفاة كالغربال يجري فيها الماء إلى خارج، فيبقى المومياي فيجمد ويؤخذ إلى الخزانة.
والكهربا نوع من الخرز الأصفر يطفو على بحر الغرب وبحر طبرستان، ولا يعرف معدنه والعنبر الأشهب ليس هو من قول الأعشى في شيء:
وبَنو المُنذرِ الأشاهبُ بالحي ... رةِ يمشونَ غُدوةً كالسّيوفِ
وإنّما الشهبة للونه.
الكافور
هو فاعول، من الكَفر وهو التغطية، كالنّاقور من النّقر، والقاموس من القَمس. تقول قَمَسته في الماء أي غططته. وهو ماء جوف شجر مكفور؛ فيفرِزونه بالحديد، فإذا خرج وانتفض إلى ظاهره، وضربه الهواء انعقد كالصموغ الجامدة على الأشجار والنبات. والكافور الطَّلع. والكَفْر القرية، والكَفِرُ العظيم من الجبال. قال الشاعر:
تَطلَّعُ ريَّاهُ من الكَفِراتِ
والكافر البحر. والكافر الليل. والكافر الساتر نعمة الله تعالى عليه. والكافر الزَّارع لتوريته الحبَّ في الأرض. قال:
وكافرٍ ماتَ على كُفرهِ ... وإنَّما الجنَّةُ للكافرِ
والكفَّارة تغطية الإثم في اليمين الفاجرة، والنُّذور الكاذبة كالمغفرة من أخذها من الغفر فإنه ستر الذنب، ومن أخذها من قول العرب: اصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ، أي أحمل له، فإنه حمل الذنب عن المُذنب، وترك مؤاخذته به. يقال: كفَّر الرجل يُكفِّر إذا وضع يده على صدره. قال جرير:
فإذا سمعتَ بحربِ قيسٍ بعدَها ... فَضَعوا السِّلاحَ وكفِّروا تكْفيرا
العود
اسمه اشتقاقه، كقول المُحدَث:
يا حسَناً اسمُهُ له صفةٌ ... فَمَن يُسمِّيه فهو واصِفُهْ
وهو شجر فيه عرق العود كالمَرخ في أصل الصنوبر، والعَفص في شجر البلّوط؛ وهما حرَّاق المِقدحة. فإذا حمله البحر وقد أدرك، وجرفه الماء، أخذوه ودفنوه، فبقي العود كالذهب الإبريز على النار، وتفتَّت ما سواه وبلي.
وعلى ذكر العود أنشد الباهلي في أبيات المعاني:
ولستُ بزُمَّيلَةٍ نأْنَأٍ ... جبانٍ إذا ركبَ العودُ عودا
ولكنَّني أجمعُ المؤنسا ... تِ إذا ما الرِّجالُ اسْتخفّوا الحديدا
إذا ركب القوس السهم. وقد ألغزه بعض العرب، أنشد الباهلي:
وميِّتةٍ بعثتْ ميِّتاً ... فولَّى حَثيثاً هو الجاهِدُ
طَليعةُ حيٍّ إلى حيَّةٍ ... يُرجّي النجاةَ بها الشاهِدُ
يريد القوس والسهم في النزع والإرسال. والحيُّ والحيَّة: القانص والوحشية. والمؤنسات في الحرب: السيف والرمح والجحفة، كالمحلاّت في السِّلم وهي: القِدر والفأس والدلو والزند والشَّفرة. قال المؤمّل المحاربيّ في ذكر العود يصف أخوين:
داودُ محمودٌ وأنتَ مُذمَّمٌ ... عجباً لذاكَ وأنتما من عودِ
ولربَّ عودٍ قد يُشقُّ لمسجدٍ ... نصفاً وسائرهُ لحُشِّ يَهودي
فالحشُّ أنتَ لهُ وذاكَ لمسجدٍ ... شتَّانَ موضعُ مَسلح وسُجودِ
ومنه أخذ أبو دلف العجلي قوله:
قد تخرجُ الدرَّتان من صدفهْ ... والدرُّ يختارُه الذي عرَفهْ
اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 90