اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 37
تَبدَّى في قميصِ اللاَّذِ يمشي ... عدوٌ لي يُلقَّبُ بالحبيبِ
فقلت له: بمَ استَحسنتَ هذا؛ ... لقد أقبَلْتَ في زِيٍّ عجيبِ
فقال: الشمسُ أهدتْ لي قميصاً ... بديعَ اللونِ من شَفَقِ الغروبِ
فثوبي والمُدامُ ولونُ خَدِّي ... قريبٌ من قريبٍ من قريبِ
وديك الجن هو الذي أبدع هذا الفن ونهجه للشعراء فقال:
أيا قمراً تَبَّسمَ عن أقاحِ ... ويا غُصناً يميسُ مع الرِياحِ
جَبِينُكَ والمقلَّدُ والثَّنايا ... صباحٌ في صباحٍ في صباحِ
وقال أيضاً:
ومُزْرٍ بالقضيبِ اذا تَثَنَّى ... ومَزْهاةٍ على القمرِ التمامِ
سقاني ثم قبَّلني وأوْما ... بطرفٍ سُقمُه يَشفي سَقَامي
فَبِتُّ لهُ، خلا الندمانِ، أُسقى ... مُداماً في مُدامٍ في مُدامِ
وقال الصنوبري في الأخضر وأحسن فيه:
وشاطرةٍ أدَّبتْها الشطارهْ ... حِلى الروضِ من حُسنها مُستعارَهْ
أميرةُ حُسنٍ إذا ما بَدتْ ... أقَرَّ الأميرُ لها بالأمارَهْ
بَدتْ في لِباسٍ لها أخضرٍ ... كما تَلْبَسُ الورقَ الجُلَّنارَهْ
فقلنا لها: مااسمُ هذا اللِّباسِ ... فردَّتْ جواباً ظريفَ العبارَهْ
شَقَقْنا مرائِرَ قومٍ به ... فنحنُ نُسمِّيه شقَّ المرارَهْ
وقال بشار في الأحمر:
وخُذي ملابسَ زينةٍ ... ومُعصفَراتٍ هُنَّ أَنْورْ
وإذا دخلْنا فادْخُلي ... في الحُسنِ إن الحسنَ أحمرْ
قال بعض الحكماء: الحسن أحمر، أي من أراد صبر على مضرته وشدائده.
من قولهم: موت أحمر، أي يراق فيه الدم.
قال أبو زبيد:
إذا عَلِقَتْ قِرناً خطاطيفُ كفِّهِ ... رأى الموتَ بالعينين أسَود أحمرا
آخر:
طَلَعتْ في مُصَّبغٍ جُلَّناري ... طَلعةَ البدرِ في انْقضاءِ النَهارِ
طافَ من حولها الجواري فقلْنا ال ... بدرُ حُفَّت بهِ النجومُ الدَراري
خَيزرانِيَّةُ المَعاطفِ قصري ... ية قصر الطِّرازِ والأكوارِ
كتبَ الحُسنُ فوق عارِضها قا ... فاً من الليلِ في أديمِ النهارِ
علي بن الجهم:
طلَعتْ وهي في ثيابِ حِدادِ ... طَلْعَةَ البدرِ من خِلالِ السحابِ
بِتُّ في اللهوِ واللَّذاذةِ لَيْلي ... أرشِف الخمرَ من ثَنايا عِذابِ
نَتَجنَّى وساعةً نتَراضى ... عَبَثاً، والقلوبُ غيرُ غِضابِ
وشرِبنا من العِتابِ كُؤوساً ... وجَعلنا التقبيلَ نَقْلَ الشرابِ
وقال الحسين بن الضحاك، وقد أقبل شفيع الخادم بشراب أحمر وعليه قباء أحمر:
وكالوردةِ الحمراءِ جاء بِحُمْرةٍ ... من الوردِ يسعى في القراطق كالوردِ
له عَبَثاتٌ عندَ كلِّ تحيةٍ ... بِكَفَّيْهِ تَستدعي الخليَّ إلى الوَجْدَ
تمنَّيتُ أَن أُسقى بكفَّيه شَرْبةً ... تُذكرني ما قد نَسيِتُ من العَهْدِ
سقى اللهُ عصراً لم أَبِتْ فيه ليلةً ... من الدهرِ إلاَّ مِن حبيبٍ على وعدِ
وله فيه:
وأبيضَ في حُمرِ الثيابِ كأَنهُ ... إذا ما بدا نِسرينُهُ في شقائِقِ
سقاني بكفَّيْهِ رَحيقاً وسامَني ... فُسوقاً بِعَيْنيْهِ ولستُ بِفاسِقِ
ولو كنتُ شَكْلاً للهوى لاتبعْتُهُ ... ولكنَّ شَيْبي بالصِّبا غيرُ لائقِ
وقال العلوي في الغلالة البالية، ولم يسبق إلى معناه:
يا قمراً ثوبُه ورامِقُهُ ... منه حِذارَ البِلى على خَطَرِ
يا مَن حكى الماءُ فرطَ رقَّتِه ... وقلبُهُ في قَساوَةِ الحَجَرِ
ياليتَ حظي كحظِّ ثوبكَ مِن ... جِسمكَ ياواحِدي مِن البَشَرِ
لا تعجَبا من بِلى غِلالَتِهِ ... إذ زُرَّ كِتّانُهُ على القَمَرِ
وقال ابن المعتز في اللباس الخلق، وأحسن فيه:
ما بين بابِ الوزيرِ والمسجدِ الجامِعِ ظبيٌ كالظَّبي في غَيَدهْ
أثوابُه رثَّةٌ فقد ضاعَ، لا ... ضاعَ، وضاعَ التَمييزُ في بَلدِهْ
ليس له ناقدٌ فيعرِفُه ... وآفةُ التَّبرِ ضَعْفُ مُنْتَقِدِهْ
وقال المهلبي في الأحمر:
وَيْحَ نفْسي من لوَعةِ الإشْتياقِ ... ورَسيسِ الهوى وَوَشْكِ الفِراقِ
اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 37