اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 20
وعول في جميعه على أبي تمام حيث يقول في الخليفة:
لقد حانَ من يُهدي سُوَيْداء قلبِهِ ... لحَدٍّ سِنانٍ في يَدِ اللهِ عامِلُهُ
وقال أبو تمام أيضاً في المعتصم.
رَمى بك اللهُ بُرجَيْها فهدَّمَها ... ولو رَمى بكَ غيرُ اللهِ لم يُصِبِ
قال الله عز وجل: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " مثل هذه السرقات الخافية العين والأثر لا يقف عليها، ولا يفطن لها إلا الرواية النحرير الذي دوخ ساحة الشعر بحفظه، وصارت الدواوين مجاجة ذهنه.
أعرابي:
ونازَعَنا وحياً خَفيّاً كأنهُ ... على المُجْتَني، الريحانُ أمرعَ خاضِلُه
حديثٌ لو أنَّ العُصْم تسمعُ رَجْعَه ... تَضَعْضَعَ من أعلى أبانٍ عواقِلُهْ
ابن الرومي:
وحَديثُها السحرُ الحلالُ لو أنّهُ ... لم يَجْنِ قتلَ العاشقِ المُتَحرِّزِ
إن طالَ لم يُمْلَلْ، وإنْ هي أوْجزتْ ... ودَّ المحدَّثُ أنها لم تُوجِزِ
شَرَكُ العقولِ ونزهةٌ ما مثلُها ... للمُطْمئِنِّ وعُقْلَةُ المُستَوْفِزِ
والمحدث لا بد له من كسور وزوايا تعتريه في شعره. فالطبع المبسوط، والكلام المسبوك للعرب.
ذو الرمة:
أولئكَ آجالُ الفتى إن أرَدْنَهُ ... بقتلٍ وأسبابِ السَقامِ المُلازِمِ
يُقارِبْنَ حتى يطمعَ التابعُ الهوى ... وتَهتَزُّ أحناءُ القلوبِ الحوائِمِ
حديثٌ كَطعْمِ الشَّهدِ حُلوٌ صدورُهُ ... وأعجازُهُ الخُطْبانُ دونَ المحارمِ
والبيت الثاني أخذ منه الحسين بن مطير الأسدي قوله:
يُمَنِّيَننا حتى تَرِفَّ قلوبُنا ... رَفيفَ الخُزامى باتَ طلِّ يَجودها
أعرابي:
وحَديثُها كالقَطْرِ يسمَعُهُ ... راعي سِنينَ تتابَعَتْ جَدْبَا
فأصاخَ يرجو أنْ يكونَ حياً ... ويقولُ مِنْ فرحٍ أيا رَبّا
أبو العميثل:
لقيتُ ابنةَ السَّهْميِّ زينبَ عن عَفْرِ ... ونحن حَرامٌ مُسْيَ عاشرةِ العَشْرِ
فَكَّلمْتُها ثِنْتَيْنِ كالثّلجِ مِنهما ... وأخرى على قلبي أحرُّ من الجَمرِ
وإني وإيّاها لَحتْمٌ مَبيتُنا ... جميعاً وَسْيرانا مُغِدٌّ وذو فَتْرِ
آخر:
لَها مُزاحٌ ولها كلامُ ... كجوهرٍ ألَّفهُ نظامُ
يُسكرُنا كأنّه مُدامُ ... له بقلَبِ المُصطَلي ضِرامُ
فهو حلالٌ غِبُّه حرامُ ... يَشفي سَقاماً وهُوَ السَّقامُ
وهذه الأبيات من صادق العشق، وفاخر الشعر، وحر الكلام، وبارع الوصف.
قال هدبة العذري:
وكلُّ حديثِ الناسِ، إلاَّ حَديثَها ... رَجيعٌ، وفيما حدَّثَتْكَ الطرائِفُ
خَرَجْنَ بأعناقِ الظِباءِ وأعيُنِ ال ... جآذِرِ؛ وارتجَّتْ بهنَّ الروادِفُ
رَجحنَ بأردافٍ ثِقال وأسْوُقٍ ... خِدالٍ، وأعضادٍ عليها المطارِفُ
كَشفْنَ شُفوفاً عن شُنُوفٍ وأعرضتْ ... خدودٌ، ومالتْ بالفُروع السوالِفُ
عليهِنَّ من صَوْغِ المدينةِ حِلْيَةٌ ... جُمَانٌ كأجوازِ الدَّبى ورَفارفُ
آخر:
منَ الخَفِراتِ البيضِ وَدَّ جَليسُها ... إذا ما قضَتْ أُحدوثةً لو تُعيدُها
بشار:
وَلِلفْظِها دَلٌّ إذا نَطقتْ ... تركتْ بناتِ فُؤادِهِ صُعْراَ
كَتَساقُطِ الرَّطْب الجَنِيِّ من الأم فْنانِ لا نثْراً ولا نَزْراَ
أبو حية النميري، وهو من مختار المقطعات ومتخير الألفاظ وقديمه:
وقد زعمَ الواشونَ أنْ لا أُحِبُكُمْ ... بلى وسُتورِ اللهِ ذاتِ المحارِمِ
أصُدُّ وما الصَدُّ الذي تَعْلَمينَهُ ... عَزاءً بنا إلا اجْتِراعُ العَلاقِمِ
حَياءً وتُقْيا أنْ تَشيعَ نَميمةٌ ... بنا وبكم. أُفاً لأهل النْمائِمِ
وإنَّ دَماً، لو تَعلَمينَ، جَنتْيهِ ... على الحيِّ، جاني مِثْلِه غيرُ سالِمِ
أَما إنَّه لو كانَ غَيركِ أرْقَلتْ ... صُدورُ القَنا بالراعِفاتِ اللَّهازِمَ
ولكنَّهُ، واللهِ، ما طَلَّ مُسلماً ... كَبيضِ الثَّنايا واضِحاتِ المباسمِ
إذا هُنَّ ساقَطْنَ الأحاديثَ للفتى ... سُقوطَ حصى المرجانِ من سِلْكِ ناظِمِ
رَمَيْنَ فأقْصدْنَ القلوبَ، ولا تَرى ... دَماً مائِراً إلا دَماً في الحَيازِمِ
اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 20