اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 157
فضحك الواثق وقال: سنعمل يا حسين كل ما قلت إلا الفسوق الذي ذكرت فلا، ولا كرامة، ثم قال: هل لك في حانة الشط، فقلت: إي والله، فشرب وطرب، ووصلهم كلهم. فلما كان من الغد غدوتُ إليه، فقال: أنشدني يا حسين ما قلته في يومنا الماضي فأنشدته:
يا حانةَ الشطِّ قد أكرمْتِ مثوانا ... عودي بيومِ سرورٍ كالذي كانا
لا تُفقدينا دعاباتِ الإمامِ ولا ... طيبَ البطالةِ إسراراً وإعلانا
ولا تخالُعَنا في غيرِ فاحشةٍ ... إذا تطرَّبَنا الطنبورُ أحيانا
وهاجَ زَمرٌ زُناميٌّ يعدُّ لنا ... شجواً فأهدى لنا رَوحاً ورَيحانا
وسلسلَ الرطلَ عمروٌ ثمَّ بهِ ال ... سُقيا فألحقَ أُولانا بأُخرانا
سُقيا لشكلِكِ من شكلٍ خُصِصْتِ بهِ ... دونَ الدساكرِ من لذّاتِ دنيانا
حَفّتْ رياضَكِ جناتٌ مُجاورةٌ ... في كلِّ مُخترَقٍ نهراً وبستانا
لا زلتِ آهلةَ الأوطانِ عامرةً ... بأكرمِ الناسِ أعراقاً وأغصانا
قبيصة الخمّار:
من أهل الحيرة. مر أبو السحاب من أهل الكوفة أخو أبي محمد التيمي لأمه بالحيرة وقد كبر، ومعه قائد يقوده وهو يرعش فقال: أي والله، لولا ذلك لكثرتُ عنك، ثم أنشأ يقول:
هلْ إلى سكرةٍ بناحيةِ الحي ... رةِ في الدنِّ يا قبيصُ سبيلُ
وعرانٍ كأنّهُ بيدقُ الشطْ ... رنجِ يفتنّ منه قالٌ وقيلُ
ينحوم اليهودي الخمّار بالحيرة:
كان بكر بن خارجة يألفه ويشرب في حانته مع من يعاشره، وفيه يقول:
كلُّ قَصفٍ ولذّةٍ ... فهو من بيتِ يَنْحُمِ
بفِنا الحيرةِ التي ... خُلقَتْ للتنعُّمِ
فاشربا في ديارِهِ ... من سُلافٍ كعندمِ
وانعما في الحياةِ قبْ ... لَ أوانِ التندُّمِ
تُوما الخمّار:
برصافة هشام، خرج الرشيد إلى الرقة ومعه الموصلي وكان مشغوفاً به، ففقده أياماً ثم جاءه فقال: أين كنت؟ قال: يا أمير المؤمنين، نزلنا بالأمس في موضع حسن، وسمعت فتياناً من أهل العسكر، يقول بعضهم لبعض: امض بنا حتى نشرب بحانة توما بالرُّصافة، فمضوا وتبعتُهم متخفياً، فوافيت أطيب منزل، فلما أردت اللحاق بأمير المؤمنين أقسم عليّ أن أقبل شراباً، فدفعت إليه ما في خريطتي من الدنانير، وودّعني وقال في وداعه لي: ازلْ بِشين، فعلّقتُ قلبي به وقلت:
سَقياً لمنزلِ خمّارٍ نزلتُ بهِ ... بينَ الرُّصافةِ يوماً بينَ يومينِ
ما زلتُ أعطيهِ أثواباً وأشربُها ... صفراءَ قد عُتّقتْ في الدنِّ حَولينِ
حتى إذا نفدَتْ مني بأجمعِها ... عاملتُهُ بالرِّبا دنّاً بدنَّيْنِ
وقالَ لي إزَلْ بشِينٍ حينَ ودّعني ... وقدْ لَعمريَ منهُ زلتُ بالشينِ
فبعث إلى الخمار بعشرة آلاف درهم، ولم يزل يخدم الرشيد حتى مات.
حانة بَزيع بالجُويث:
هذه حانة تنسب إلى بَزيع خادم المتوكل في ملك بزيع، وكانت عزيزةً، لا يعرض لها أحد من أصحاب المعادن، حسنة البناء، مؤزرة بالساج، مسقفة، ولها خمّار يهودي متضمّن بها، ولا يدخلها أحد من العامة والأوضاع، وكانت لنُزه الخاص والسراة والظراف، وفيها يقول عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن الزيات، ودعاه بزيع الخادم فخرجا متنزهين ومعها جَنّيّ الخادم المغني، فقال عبد الله:
سَقاني بَزيعٌ والسِّماكُ مشرِّقُ ... ونجمُ الثريّا في السماءِ مُحلَّقُ
كُميتاً كأنَّ المسكَ حولَ كؤوسِها ... بها الشملُ مجموعٌ فما يتفرّقُ
سُلافةَ كرمٍ أخلصَ الدهرُ لونَها ... يضيءُ لها الليلُ البهيمُ ويشرقُ
فقلتُ له: حُثَّ الكؤوسَ مُصرِّفاً ... بسَقْيِكَ فالنكسُ اللئيمُ يُرنّقُ
وقلتُ لجَنّي تعلّمْ فغنِّني ... أَرِقْتُ وما هذا السهادُ المؤرِّقُ
فغنّى غناءً حوَّلَ القلبَ حسنُهُ ... ولمّا يحرّكْهُ الشرابُ المصفَّقُ
الباب الحادي والثلاثون في صفات الزق
العطوي:
يومُ حجٍّ إلى المُدامِ وقُربا ... نٍ بزقٍّ مُوثَّقٍ كالهَدِيِّ
فاقتحمْ في مشاعرِ اللهوِ وانظُرْ ... كمْ بها من حليفِ بالٍ رخيِّ
ابن المعتز:
والزقُّ في روضةٍ تسيلُ دماً ... أوداجُهُ جاثياً على الرُّكَبِ
اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 157