اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 118
كُميتٍ كلونِ الصّرفِ ليسَ بخَلَّةٍ ... ولا خمطةٍ يكوي الشَّروبَ شِهابُها
الكُسَيْس
قال الكسيس السكّر وهو خمرُ اليمن. قال:
فإنْ يُسقَ من أعنابِ وَجٍّ فإنّنا ... لنا العينُ تجري من كَسيسٍ ومنْ خمرِ
وهو فَعيلٌ من الكَسّ، كالمَسيس من المسّ، وهَزيز الريح من الهز، والرسيس من الرسّ. والكَسَس قِصَر الأسنان. ويقولون في الحرب صار الأكسُّ كالأرْوَق أي يقبض شفته فتبدو أسنانه. قال:
فداءٌ خالتي لبني تَميمٍ ... إذا ما كانَ كَسَّ القومِ رَوقُ
وأما الباذق والنبيذ والمثلث والداذيّ فأعجمية. فالنبيذ فَعولٌ بمعنى مفعول أي مَنبوذ، والنَّبْذ هو الشيء اليسير، وجلست نُبذةً أي ناحيةً، والنِّبذ يكون مصدراً بمعنى المفعول كالسَّكب بمعنى المسكوب، والحَشْر بمعنى المحشور. ونابذتُه أي ناصبتُه وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما قال: معي تُميراتٌ نبذتُها في الماء، ثمرةٌ طيبة وماء طهور، إنما أفردهما عيناً وحكماً. والباذِق إنما هو باذَه فعرّبوا آخره. والمثلّث هو السيكيّ ذهب ثلثاه وبقي واحد. والداذيّ والداذ نبتٌ في المواضع المعروفة يُجعل في الشراب تقويةً له.
باب في
آلات الشراب وتوابعه
وأوصافه واشتقاقه:
السُّكر
يقال سَكِرَ الرجلُ سُكراً وهو سَكران وساكر، وهو من سَكَرتُ الماءَ إذا سددتُ جريَه لأنّ السُّكرَ يسدّ منافس الرأس بالبُخارات الفاسدة الصاعدة وسَكَرتِ الريحُ سُكوراً سكنتْ بعد الهبوب.
قال أوس:
فليستْ بطَلقٍ ولا ساكرَهْ والنَّديم
فَعيل بمعنى مُفاعلٍ مُنادم، والنَّدمان أكثر مُنادمةً وملازمةً من النديم؛ لأن زيادة اللفظ توجب زيادة المعنى ويقال رجلٌ رحيم ولا يقال رحمان لأنه بناء المبالغة. وفي الدعاء يا رحمان الدنيا ورحيمَ الآخرة، لأن رحمته في الدنيا عمّت المؤمن والكافر والفاسق والناسك؛ ورحمته في الآخرة تخصّ المؤمنين والمسلمين دونهم. وتكثير اللفظ مع تقليل المعنى لم يرد في العربية إلا في حرف واحد. قال مَجدْتُ الدابةَ علفتُها ملء بطنها، وأمجدتُها علفتُها نصفَ بطنها.
الإبريق
هو إفْعيلٌ من البرق، والإبريق المرأة الحسناء البرّاقة. قال الشاعر:
دِيارُ إبريقِ العَشيِّ خَوزلُ
والإبريق السيف يقال: سيفٌ إبريقٌ وإصليت.
وأنشد أبو العباس:
لقد أتيتُمْ بأباريقِكمْ ... كأنّنا دونَ بَني الأَسْلَعِ
واللهِ لا ذُقْتمْ بها قطرةً ... على سبيبٍ وهيَ لمْ تُكْرَعِ
أي جئتم بسيوفكم طامعين حتى كأنا دون بني الأسلع، وهم حيّ حاربوهم فلم يقوموا لهم. والله لا ذقتُم بها قطرةً أي لا ذقتم بسيوفكم من دمائناً قطرةً، وهي تعني سيوفهم لم تكرع في دمائكم. وسمي السيف إصليتاً لانصلاته، وإبريقاً للمعانه وبريقه. والسيف بنفسه مشتق من شيئين، أحدهما ما أخبرني به أبو سعيد السيرافي عن أبي بكر بن دريد أنه من السَّواف وهو داءٌ يصيب الإبل فتهلك منه، كأن السيف سبب للهلاك. والثاني أنه من السِّيف وهو شاطئ البحر كأنه يطول كهيئة السِّيف. كما شبهوه بالعقيقة وهي البُرقة المستطيلة في الغيم.
قال عنترة:
وسيفي كالعقيقةِ وهي كمعي ... سلاحي لا أفلَّ ولا فُطارا
ففيه تشبيهان الاستطالة والتلألؤ. فأما ما قول الآخر:
كأنّهُ لمّا تَرَهْيَأَ ساطعاً ... هنديّةٌ تهتزُّ حينَ تُنتضى
ففيه ثلاثة معانٍ استطالة البرقِ وتلألؤه وحركته.
الكأس
وهي الإناء بما فيه من الخمر، كالسَّجْل وهو الدلو بما فيه، وكذلك القلم يُسمى مَبريّاً وإلا فهو قصبة. والرمح يُسمى به ما دام عليه سنانه وإلا فهو قناة. والمائدة ما كان طعام وإلا فهي خِوان، والأريكة ما كانت على السرير وإلا فهي حجَلة ويقال كاسَ البعيرُ إذا عقرْتَه فمشى على ثلاث قوائم.
قال الشاعر:
فظلّتْ تكوسُ على أذرُعٍ ... ثلاثٍ وغادرْتُ أخرى خَضيبا
وكأس اسم أَمَةٍ لمشيها. قال الشاعر:
فقلتُ لكأسٍ ألجِميها فإنّما ... نزلنا الكثيبَ من زرودٍ لنفزَعا
أي لنغيث، من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم لقومٌ تَقلّون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع ".
الماخور
اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 118