اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 105
هي مُفعَل ومُفعلة كمُكرم ومُكرمة، من أدمتُها الظرفَ أي أسكنتُها. قال الأصمعي: أُديمت الظروفَ أي أُسكِنَتْها، وأُبقيت فيها، ومنه دوامُ الشيء إنما هو سكونه حتى لا ينزعج ولا يبرح، والماء الدائم الساكن، وفي الحديث: " لا يبولَنَّ أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه " فهو الراكد لا يجري. ودوّمَ الطائر إذا سكّن جناحيه في الهواء فلم يحركهما. ويقال: أدمتُ القِدرَ أي سكّنتها ودوّمتها. قال الجعدي:
يفورُ علينا قدرُهم فنديمُها ... ونفثأُها عنا إذا حَميُها غَلا
يعني بالقدر الحرب، كقول الآخر:
قدرينِ لم يُسْتَثَرْ وقودُهما ... بالمرخِ تحتَ العَفارِ تضطرِبُ
لا بالجفائن ينزلان ولا ... بالشيحِ يذكي ضرامَهُ اللهبُ
يعني الحربين. ولها وجه آخر من الاشتقاق يكون من الدوام وهو الدوار الذي يأخذ الإنسان في الرأس عند انتشائه وسُكره. قال الشاعر:
عساكر تغشى النفسَ حتى كأنني ... أخو سكرةٍ دارتْ بهامتيَ الخمرُ
والعرب تسمي الشعاعات الممتدة كالخيوط نُصب عين السكران والصديان السمادير والهاء التي في المدامة للمبالغة والتأكيد، وكما دخلت في كريمٍ وكريمة. وفي الحديث: " إذا أتاكم كريمةُ قومٍ فأكرموه "، وكذلك الهاء في خليفة للمبالغة وهو خليف. وأنشد أبو حاتم السجستاني في كتاب المذكر والمؤنث لأوس بن حجر:
إنْ منَ القومِ موجودٌ خليفتُهُ ... وما خَليفُ أبي وهبٍ بموجودِ
وجمع خليفة خلائف وجمع خليف خُلَفاء، وتكون من دوام السرور بها. قال الناجم:
عُقارٌ عقورٌ للرجالِ مُدامةٌ ... تُديمُ المنى راحٌ تُريح الجوانحا
السبيئة
سميت سبيئة لأنها تُسبأ أي تُشرى. قال:
أغلي السِّباءَ بكلِّ أدكنَ عاتقٍ ... أو جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
وسبيئة فعيلة لمعنى مفعولة، فلما جعلها اسماً أدخل الهاء عليها. وفعيل إذا كان بمعنى مفعول حذفت الهاء منه لأن الصفة فرع والعدل فرع والتأنيث فرع فوجب حذف أحدهما لا الأفرع. وقال الأعشى:
وسَبيَّةٍ مما تُعتّقُ بابلٌ ... كدمِ الذبيحِ سلبتُها جرياً لها
وتكون من سبأتُ الجلد إذا سلخته بالنار، وانسبأ الجلد انسلخ، كأن الشمس والنار طبختها فصفّتها من أوشابها وأدرانها، وأُخرجت بالعصر من قشورها. قال أبو الشيص:
طبخَتْها الشِّعرى العبورُ وحثّتْ ... نارَها بالظهائرِ الجوزاءُ
المُشَعْشَعة
يقال شعشعتُ الخمرَ أي مزجتها كأنها ترقّ بالمزج، فشبهت بالشعاع في دقته. والشعاع الطويل. يقال: عنقٌ شعشاعٌ وشعشعان أي طويل.
وأنشد الخليل في كتاب العين:
في شَعشعانٍ عُنُقٍ يَمخورِ
وقال الراجز، أنشده الأصمعي في الأبيات:
لا عيشَ إلا كلُّ صهباء عقلْ ... تناولَ الحوضَ إذا الحوضُ شُغلْ
بشَعشعانيٍّ صُهابي هدلْ ... ومنكباها خلفَ أوراكِ الإبلْ
وقال الراجز:
بكلٍ شعشاعٍ كجذعِ المزدرعْ ... فيلقُها أجردُ كالرمحِ الضَّلِعْ
وقال عمرو بن كلثوم:
مشعشعةٌ كأنَّ الحصَّ فيها ... إذا ما الماءُ خالطَها سَخينا
الصِّرف
اشتقاقها من شيئين، أحدها لشدة حُمرتها شبهت بالصِّرف، وهو صبغ أحمر تُصبغ به الجلود، قال كلحبة:
كُميتٌ غيرُ مُحلفةٍ ولكنْ ... كلونِ الصِّرفِ علَّ بهِ الأديمُ
وقال حبيب:
قدْ صرّفَ الراؤونَ حُمرةَ خدِّهِ ... وأظنُّها بالريقِ منهُ ستُقطبُ
أي حمّروها بالنظر. والوجه الثاني أن الصرف الخالص من شيء. يقال كذب صِرف أي خالص، كأنها خالصة من الماء والمزج. قال الخليع:
سكرَ الشيخُ مُعرِّفْ ... فاسقِهِ الكأسَ وصَرِّفْ
لا يروعنكَ من المج ... دورِ وجهٌ مُتحشِّفْ
إنَّ في مأكمتهْ ... متعةً للمُتعفِفْ
صرّف: أي اسقه صرفاً بلا مزاج يُسرع السكر إليه.
المُزَّة
سميت لطعمها، والمَزازة طعم من الحلو والحامض، وتكون من المِزّ وهو الفضل. تقول: هذا أمزُّ من هذا أي أفضل منه كأنها لفضلها على سائر الأشربة سميت بذلك. وضُم أولها لأنها فُعلة وهو ما يأخذه الشارب من الشراب المُزّ مثل الفُرقة وهو ما يحمله الفارق، والجُرعة وهو ما يجترعه الرجل من الماء. المُزّاء
اسم الکتاب : المحب والمحبوب والمشموم والمشروب المؤلف : السري الرفاء الجزء : 1 صفحة : 105