اسم الکتاب : المحاسن والأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 264
محجوبة سمعت صوتي فأرّقها ... من آخر اليّل لما بلها السحر
تدني على الخد منها من معصفرةٍ ... والحلي باد على لباتها خصر
في ليلة البدر ما يدري مضاجعها ... أوجهها عنده أبهى أم القمر
لم يمنع الصوت أبوابٌ ولا حرسٌ ... فدمعها لطروق اللحن ينحدر
لو تستطيع مشت نحوي على قدمٍ ... تكاد من رقةٍ للمشي تنفطر
ثم دخل سليمان مضرب الخدم، فوجد جارية على هذه الصفة، قاعدة تبكي، فوجه إلى سنان فأحضره، ووجهت الجارية رسولاً إلى سنان يحذره، وجعلت للرسول عشرة آلاف درهم إن سبق رسول سليمان، فلما حضر أنشأ يقول:
استبقني إلى الصباح أعتذر ... إن لساني بالشراب منكسر
فأرسل المعروف في قومٍ نكر
فأمر به فخصي، وكان بعد ذلك يمسى الخصي.
وعن علي بن يقطين، قال: كنت عند موسى الهادي، ذات ليلة، مع جماعة من أصحابه، إذ أتاه خادم فساره بشيء، فنهض سريعاً فقال: «لا تبرحوا» ؛ فمضى فأبطأ، ثم جاء وهو يتنفس ساعة، حتى استراح ومعه خادم يحمل طبقاً مغطى بمنديل، فقام بين يده، فأقبل يرعد، وعجبنا من ذلك، ثم جلس، وقال للخادم: «ضع ما معك» فوضع الطبق، وقال: «ارفع المنديل» فرفعه فإذا على الطبق رأسا جاريتين لم أر، والله، أحسن من وجهيهما قط، ولا من شعورهما، فإذا على رأسيهما الجوهر منظوم على الشعر، وإذا رائحة طيبة تفوح فأعظمنا ذلك، فقال: «أتدرون ما شأنهما» ؟
قلنا: «لا» قال: «بلغني إنهما تحابا، فوكلت هذا الخادم بهما لينهي إلي أخبارهما، فجاءني وأخبرني إنهما قد اجتمعا، فجئت فوجدتهما كذلك في لحاف، فقتلتهما» ثم قال: «يا غلام! ارفع» ورجع في حديثه، كأنه لم يصنع شيئاً.
وحدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن ابن القداح، قال: كانت للربيع جارية
اسم الکتاب : المحاسن والأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 264