اسم الکتاب : المحاسن والأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 173
جهنم» ، قالت: «فداك أبي وأمي، فذلك الذي زادني وجعاً» ، قال:
«فأنشديني ما قلت» ، قالت: «أما أني لا أنشدك ما قلت قبل اليوم، ولكني أنشدك ما قلته الساعة» ، فقالت:
سقى جدثاً أعراق غمرة دونه ... وبيشه ديمات الربيع ووابله
وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات قبلك شاغله
وأرعيهم سمعي إذا ذكروا الأسى ... وفي الصدر مني زفرة لا تزايله
فقال عمر: دعوها فإنها لا تزال حزينة أبدا.
ليلى الأخيليلة هاجها رجل من قومها فقال:
ألا حييا ليلى وقولا لها هلا ... فقد ركبت أيراً أغر محجلاً
فأجابته:
تعيرني داء بأمك مثله ... وأي جواد لا يقال له هلا
ذكروا أنها دخلت على عبد الملك بن مروان، فقال لها: «يا ليلى هل بقي في قلبك من حب توبة، فتى الفتيان، شيء» ؟ قالت: «وكيف أنساه» ؟ وهو الذي يقول يا أمير المؤمنين:
ولو أن ليلى في ذرى متمنّع ... بنجران لا لتفّت علي قصورها
حمامة بطن الواديين ترنمي ... سقاك من الغر الغوادي مطيرها
أبيني لنا لا زال ريشك ناعماً ... وبيضك في خضراء غصن نصيرها
تقول رجال لا يصيرك نأيها ... بلى كلّ ما شفّ الفنّوس يصيرها
أيذهب ريعان الشباب ولم أزر ... كواعب في همدان بيضاً نحورها
قال: «عمرك الله أن تذكيه» . ولتوبة في ليلى الأخيلية:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت ... علي ودوني جندل وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا ... إليها صدىً من جانب القبر صائح
ولو أن ليلى في السماء لأصعدت ... بطرفي إلى ليلى العيون اللّوامح
اسم الکتاب : المحاسن والأضداد المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 173