اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 269
وزعارة [1] تدرّ عليها الألفاظ، وكنت أظن ذلك من رجالهم دون نسائهم مكتسبا لا جبلّة [2] ، ومقتبسا لا طبيعة، حتى ميزت أضعافه في أصاغر صبيانهم، وضعائف ولدانهم ونسوانهم، فعلمت أنّه شيء ولدته التربة، ونتجته الطبيعة.
وزرنا قبر النبي صلى الله عليه، وعطفنا على البقيع [3] ، إلى تلك المواقف الكريمة والآثار القديمة، وتنادى الناس بالمسير والتزود بالماء، [97 و] وسرنا سبعا لا نذوق بلالا [4] ، وأصبح الحجيج مرملين [5] ، والإبل طليحة [6] قد أجهدها السير، وأضناها العطش، وأوجفنا [7] رجاء لوجود الماء بواد وصف لنا أنه لم تزل مفعمة آباره، مدهقة [8] حفاره، فهجمنا منه على قفر لا يغمر صوفة ببلّة، ولا ينقع بعوضة من غلّة، وطوى الناس السير، والسماء مصحية سافرة القناع، والأرض عابسة مغبرّة البقاع، فبينا نحن كذلك حتى أرعدت وأبرقت، وأرخت عزاليها [9] ، وتدفقت، فوالله الذي وجهي زمم [10] بيته، إن الاكلا ولا [11] حتى رويت الإبل من عند أخفافها، وملئت القرب والسطائح [12] ، وتزود الناس، واكتفوا وأرووا، أو ارتووا، ثم أقشعت [1] الزعارة: سوء الخلق، والأزعر السافل السيء الخلق، والزّعر: الشطّار والعيّارون. [2] الجبلّة: الخلقة والطبيعة. [3] البقيع: هو بقيع الغرقد، مقبرة أهل المدينة، وهي داخل المدينة، وسمي بقيع الغرقد، والغرقد: كبار العوسج. (ياقوت: بقيع الغرقد) [4] البلال: ما يبلّ به الحلق من ماء ونحوه. [5] مرملون: نفد زادهم وافتقروا. [6] طليحة: مجهودة مهزولة. [7] أوجفنا: أسرعنا في السير. [8] مدهقة: مملوءة مترعة. [9] أرخت عزاليها: انهمرت بالمطر وكثر نعيمها، والعزالي: مصب الماء من القربة. [10] زمم بيته: تلقاء بيته. [11] كذا جاءت في الأص: (إن الاكلولا) ولم أهتد لوجهها. [12] السطائح: المزادات، وقرب الماء الصغيرة.
اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 269