اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 162
والكرامة، والبركة والسلامة، إلهنا عظيم، وسيدنا كريم، يجيب الدعاء، ويشكف البلاء، موعدكم موعدكم [1] في غد جبل عرفات، ثم غدا في ولده وولد أبيه من بني عبد مناف، فصعد الجبل، ثم صفّ ولده مما يلي، وولد أبيه خلفهم، وسائر بطون العرب خلف ولد أبيه، ثم تقدمهم عبد المطلب حاسرا، ثم قال: اللهمّ ربّ البرق الخاطف، والريح العاصف، والرعد القاصف، مالك الرقاب، ومسبّب الأسباب، هذه مضر خير البشر، قد شعثت شعورها، ودبّت ظهورها، وغارت عيونها، ويبست جلودها، قد صاروا أنضاء بعد نعيم رغد وعيش في خفض [2] ، قد جاءوا إليك، وأناخوا بفنائك، يشكون سوء الحال، وشدة الزمان، وضعفا من الهزال، قد خلّفوا نساء صلعا، وأطفالا رضّعا، وبهائم رتعا، فافتح لهم اللهمّ ريحا ذرّارة، وسماء خرّارة [3] ، تضحك أرضهم، وتذهب ضرّهم، بسحابات مزن، تفرغ مطرا سحّا متداركا [4] ، متدفقا رويّا. فما فرغ عبد المطلب [55 و] من كلامه، حتى نشأت سحابة دكناء، لها دويّ، فرفع عبد المطلب رأسه فقال: إيه، هذا أوان خروجك فسحّي سحّا، يا معشر قيس، أرجعوا فقد سقيتم، فرجعت قيس وقد كثرت مياهها، واخضرّت أرضها، فلما مات عبد المطلب، زارت قيس قبره، فأقاموا عليه ثلاثا، ونحروا عنده البدن [5] ، وقالوا لا تلبسنّ النعال بمكة، فلم يزالوا كذلك حتى استسقى أبو طالب فسقي، فلبست قيس النّعال.
قال العباس بن هشام قال: وإنما سقي عبد المطلب وأبو طالب ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن ابن عباس قال: لما مات جدي عبد المطلب بن هاشم نفرت قيس [1] كذا في الأصل الكلمة مكررة مرتين. [2] الخفض: الدعة وسعة العيش. [3] الخرارة: التي يجري ماؤها جريا شديدا. [4] سحا: أي مطرا منصبا متتابعا. متداركا: يتبع بعضه بعضا. [5] البدن: بسكون الدال وضمها، جمع البدنة، ناقة أو بقرة تنحر بمكة قربانا، وكانوا يسمنونها لذلك.
اسم الکتاب : المجموع اللفيف المؤلف : ابن هبة الله الجزء : 1 صفحة : 162