اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 61
النوع الثامن: معرفة علمي العروض والقوافي
وأما النوع الثامن: وهو ما يختص بالناظم دون الناثر، وذلك معرفة العروض وما يجوز فيه من الزحاف[1] وما لا يجوز، فإن الشاعر محتاج إليه.
ولسنا نوجب عليه المعرفة بذلك لينظم بعلمه، فإن النَّظم مبنيٌّ على الذوق، ولو نظم بتقطيع الأفاعيل[2] لجاء شعره متكلفًا غير مرضي، وإنما أريد للشاعر معرفة العروض؛ لأن الذوق قد ينبو عن بعض الزحافات ويكون ذلك جائزًا في العروض، وقد ورد للعرب مثله.
فإذا كان الشاعر غير عالم به، لم يفرق بين ما يجوز من ذلك وما لا يجوز، [1] الزحاف على وزن كتاب في الشعر أن يسقط بين الحرفين فيزحف أحدهما إلى الآخر، وهو تغيير مختص بثواني الأسباب، جمع سبب، وهو عند العروضيين متحرك بعده ساكن، ويسمُّونه السبب الخفيف نحو: قَدْ، ومتحركان نحو: بِكَ، ويسمونه السبب الثقيل. [2] المعروف أنها "تفاعيل" بالتاء جمع لتفعيلة، وهي الألفاظ التي يوزن بها أيّ بحر من بحور الشعر.
النوع السادس: حفظ القرآن الكريم
وأما النوع السادس: وهو حفظ القرآن الكريم, فإن صاحب هذه الصناعة ينبغي له أن يكون عارفًا بذلك؛ لأن فيه فوائد كثيرة، منها أنه يضمِّن كلامه بالآيات في أماكنها اللائقة بها, ومواضعها المناسبة لها، ولا شبهة فيما يصير للكلام بذلك من الفخامة والجزالة والرونق.
ومنها أنه إذا عرف مواقع البلاغة وأسرار الفصاحة المودَعَة في تأليف القرآن اتخذه بحرًا يستخرج منه الدرر والجواهر, ويودعها مطاوي كلامه، كما فعلتُه أنا فيما أنشأته من المكاتبات، وكفى بالقرآن الكريم وحده آلة وأداة في استعمال أفانين الكلام.
فعليك أيها المتوشِّح لهذه الصناعة بحفظه, والفحص عن سره, وغامض رموزه وإشاراته، فإنه تجارة لن تبور، ومنبع لا يغور، وكنز يرجع إليه، وذخر يعول عليه.
النوع السابع: حفظ الأخبار النبوية
وأما النوع السابع وهو حفظ الأخبار النبوية مما يحتاج إلى استعماله, فإنّ الأمر في ذلك يجري مجرى القرآن الكريم، وقد تقدَّم القول عليه فاعرفه.
اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 61