responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين    الجزء : 1  صفحة : 54
النوع الثالث: معرفة أمثال العرب وأيامهم:
وأما النوع الثالث فهو معرفة أمثال العرب وأيامهم، ومعرفة الوقائع التي وردت في حوادث خاصة بأقوام.
وقولي هذا لا يقتضي كل الأمثال الواردة عنهم، فإن منها ما لا يحسن استعماله، كما أن من ألفاظهم أيضًا ما لا يحسن استعماله.
وكنت جرَّدت من كتاب الأمثال للميداني[1] أوراقًا خفيفة تشتمل على الحسن من الأمثال الذي يدخل في باب الاستعمال، وسبيل المتصدِّي لهذا الفن أن يسلك ما سلكته، وليعلم أن الحاجة إليها شديدة، وذلك أن العرب لم تضع الأمثال إلّا لأسباب أوجبتها، وحوادث اقتضتها، فصار المثل المضروب لأمر من الأمور عندهم كالعلامة التي يعرف بها الشيء، وليس في كلامهم أوجز منها، ولا أشدَّ اختصارًا.
وسبب ذلك ما أذكره لك, لتكون من معرفته على يقين، فأقول: قد جاء عن العرب من جملة أمثاله: "إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر2" وهو مثل يضرب للأمر الظاهر المشهور، والأصل فيه -كما قال المفضل بن محمد: أنه بلغنا أن بني ثعلبة بن سعد بن ضبَّة في الجاهلية تراهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة من الشهر، فقالت طائفة: تطلع الشمس والقمر يرى، وقالت طائفة: يغيب القمر قبل أن تطلع الشمس، فتراضوا برجل جعلوه حكمًا[3]، فقال واحد[4] منهم: إن قومي يبغون عليّ، فقال الحكم[5]: "إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر", فذهبت مثلًا.
ومن المعلوم أن قول القائل: "إن يبغ عليك قومك لا يبغ عليك القمر" إذا أُخِذَ على حقيقته من غير نظر إلى القرائن المنوطة به, والأسباب التي قيل من أجلها, لا يعطي المعنى ما قد أعطاه المثل، وذلك أن المثل له مقدمات وأسباب قد عرفت، وصارت مشهورة بين الناس معلومة عندهم، وحيث كان الأمر كذلك جاز إيراد هذه اللفظات في التعبير عن المعنى المراد،

[1] الميداني: هو أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري، كان أديبًا فاضلًا، عارفًا باللغة، اختَّص بصحبة أبي الحسن الواحديّ صاحب التفسير، ثم قرأ على غيره, وأتقن فن العربية خصوصًا اللغة وأمثال العرب، وله فيها التصانيف المفيدة، منها كتاب مجمع الأمثال، ولم يعلم مثله في بابه، وكتاب السامي في الأسامي. المتوفَّى سنة 518هـ بنيسابور، والميداني نسبة إلى "ميدان", وهي محلة في نيسابور.
2 مجمع الأمثال للميداني 1/ 30.
[3] رواية مجمع الأمثال "فتراضوا برجل جعلوه بينهم".
[4] رواية مجمع الأمثال "فقال رجل منهم".
[5] رواية مجمع الأمثال "فقال العدل".
اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست