اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 315
وعلى هذا ورد قول أبي الطيب المتنبي1:
دانٍ بعيدٍ مبغضٍ بهجٍ ... أغرّ حلو مُمِرّ ليِّنٍ شرس2
ندٍ أبيٍّ غرٍ وافٍ أخي ثقةٍ ... جعدٍ سريٍّ ندبٍ رضًى نَدُس3
وهذا كأنه سلسلة بلا شك، وقليلًا ما يوجد في أشعار الشعراء، ولم أجده كثيرًا إلّا في شعر الفرزدق، وتلك معاظلة معنوية، وسيأتي بيانها في بابها, وهذه معاظلة لفظية, وهي توجد في شعر أبي الطيب كثيرًا.
1 ديوانه 2/ 189 من قصيدة في مدح عبيد الله بن خراسان الطرابلسي، ومطلعها:
أظبية الوحش لولا ظبية الأنس ... لما غدوت مجد في الهوى تعس
2 البهج الفرح، والشرس هنا الصعب، ومعنى البيت: هو قريب ممن يقصده، بعيد ممن ينازعه، محب للفضل وأهله، مبغَّض للنقض وأهله، يبهج بالقصاد، حلو لأوليائه، مر على أعدائه، لين حسن الخلق على الأولياء, شرس صعب على الأعداء، يريد أنه جامع لهذه الأوصاف، كذا قال أبو الفتح بن جني، ونقله الواحدي حرفًا حرفًا، وانظر البيتين في شرح الديوان.
3 ند: جواد، يريد ندى الكفِّ، والأبيّ: الذي يأبى الدنايا، غر: أي مغرى يفعل الجميل جمد ماض في الأمر، والسرى: الشريف، وأنه: أي ذو نهية وهي العقل، والندب: السريع في الأمر إذا ندب إليه، والندس: العارف بالأمور البحاث عنها، وهو بضم الدال وكسرها.
النوع الثامن: في المنافرة بين الألفاظ في السبك
وهذا النوع لم يحقق أحد من علماء البيان القول فيه، وغاية ما يقال: إنه ينبغي ألَّا تكون الألفاظ نافرة عن مواضعها، ثم يكتفي بها القول، من غير بيان ولا تفصيل، حتى إنَّه قد خلط هذا النوع بالمعاظلة، وكلّ منهما نوع مفرد برأسه له حقيقة تخصه، إلّا أنهما قد اشتبها على علماء البيان, فكيف على جاهل لا يعلم؟!
وقد بَيَّنْتُ هذا النوع وفصلته عن المعاظلة، وضربت له أمثلة يستدل بها على أخواتها, وما يجري مجراها.
اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 315