اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 130
وبعض هذا المعنى مأخوذ من شعر صالح بن عبد القدوس:
وإذا الجنازة والعروس تلاقيا ... ألفيت جمعًا كله يتفرق
ومن قول أبي العتاهية:
أنما أنت طول عمرك ما عُمِّرْ ... تَ في الساعة التي أنت فيها
ومن ذلك ما ذكرته في فصل من كتاب يتضمن تعزية، وهو:
"كيف يُظْلِمُ ذلك اللحد وبه من أعمال ساكنه أنوار? أم كيف يجدب وبه من فيض يمينه سحاب مدرار? أم كيف توحش أقطاره والملائكة داخلة عليه من تلك الأقطار? أم كيف يخفيه طول العهد على زوراه وطيب ترابه هادٍ للزوّار؟ وما أعلم ما أقوله في هذا الخطب الجليل، الذي دق فيه الحزن الجليل، وسمحت له النفوس بالفدية على حب الحياة, وذلك من الفداء القليل، وقد قيل: إنه لم يخلق الدمع إلّا إنذارًا بأنَّ نوائب الزمان ستنوب، وقد جعله الله ذخرًا للقائها, وإنما يذخر السلاح للقاء الحروب، والذي ذخرته منه لم يغن عني في هذه النائبة، وأيّ جنةٍ تقوم في وجه سهامها الصائبة؟ لا جرم أني أصبحت بين يديها هدفًا للرِّمَاء، ولم يبق مني إلّا ذماء الحشاشة[1], ومن العجب بقاء الذماء".
وشيء من هذا الفصل مأخوذ من شعر ابن الرومي:
لم يخلق الدمع لامرئٍ عبثًا ... الله أدرى بلوعة الحزن2
وكذلك ذكرت فصلًا في كتاب آخر يتضمَّن تعزية، وهو:
"فياويح أيدٍ أسلمته إلى الثرى, وما كان يسلمها إلى الإعدام، وألبسته ظلمة اللحد وطالما, جلا عنها غيابة الظلم والإظلام، وغادرته بوحدته مستوحشًا, وقد كان يؤنسها بنوافل الإنعام، ومثله لا يواري القبر منه إلّا صورة يدركها النفاد، وتَبْلَى كما يَبْلَى غيرها [1] الرماء مصدر راماه مراماة ورماء، والذماء بقية الروح في المذبوح، والحشاشة بقية الروح في المريض والجريح.
2 ديوان ابن الرومي 480.
اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 130