اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 123
ومن ذلك ما ذكرته في النسب في فضل من كتاب، وهو:
"لهم نسبٌ لا تدخله لام التعريف، وهو موضوع لا يجري على سنن التوقيف، فإذا ذكر أوله وقفت من عرفانه على طلل، ووجدته مهملًا في جملة الهمل، وإن قيل: إنه من نجوم السماء قلت: لكنه لا يخرج عن الثور أو الحمل، فما أرهف لوصفه لسان إلّا نَبَا، ولا اقتدح له زناد خاطر إلّا كَبَا، وهم منه كآوى الذي يرى الناس له ابنًا, ولا يرون لابنه أبًا".
وهذا من أغرب ما يؤتى به في ذم النسب، وهو من باب توليد المعاني الذي يسمَّى الكيمياء، وبعضه مستولد من قول أبي نواس في هجاء الخصيب1:
وما خبزه إلا كآوى يرى ابنه ... ولم ير آوى في حزونٍ ولا سهل2
فأبو نواس ذمَّ خبز[4] الخصيب في عدم رؤيته، وأنا نقلت ذلك إلى النسب، فجاء ألطف وأحسن وأليق وأدخل في باب الصنعة، وإذا حُقِّقَ النظر فيما ذكره أبو نواس في هذا المعنى لم يوجد مناسبًا، فإن الخبز[3] في عدم رؤيته لا يحمل على ابن آوى، وإنما المناسبة تقع في النسب من أجل ذكر الابن والأب.
ومن ذلك ما ذكرته في ذمِّ قوم، وهو فصل من كتاب فقلت:
"تركت قومًا لم ينقعوا صدًى، ولم يجروا إلى مدًى، فأعراضهم نكرة العارف، وأموالهم حنظلة الناقف، لا تمطر سحبهم على كثرة مائها، ولا تزكو الذريعة بأرضهم على نمائها".
وبعض هذا المعنى مأخوذ من شعر الشريف الرضي4:
1 هكذا روى ابن الأثير، والذي في ديوان أبي نواس "ص171" أن هذا الشعر هجا به إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت، وقيل هذا البيت:
على خبز إسماعيل واقية البخل ... فقد حلَّ في دار الأمان من الأكل
وبعده:
وما خبزه إلّا كعنقاء مغرب ... تصور في بسط الملوك وفي المثل
2 في الأصل "وما خبره" بالراء، وهو تصحيف. [3] في الأصل "خبر" بالراء، وهو تصحيف. [4] هو أبو الحسن محمد بن الحسين الرضي العلوي الموسوي، نقيب أشراف بغداد، وأشعر بني هاشم، توفي سنة 406هـ عن خمس وأربعين سنة.
اسم الکتاب : المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ت الحوفي المؤلف : ابن الأثير، ضياء الدين الجزء : 1 صفحة : 123