اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 279
ابنتاه، وهو في سكة العطارين بالبصرة يقول:
بنيتي صابرا أباكما ... إنكما بعين من يراكما
الله ربي سيدي مولاكما ... ولو يشاء عنهم أغناكما
وكان أبو فرعون، وهو من بني عدي بن الرباب بن عبد مناة بن أد، وقال اليزيدي: هو مولاهم وكان فصيحاً، وقدم قوم من الأعراب البصرة من أهله، فقيل له: تعرض لمعروفهم، فقال:
ولست بسائل الأعراب شيئاً ... حمدت الله إذ لم يأكلوني
حديث رجل من الصيارفة افتقر
وروى الأسدي أنه افتقر أنه رجل من الصيارفة بإلحاح الناس في أخذ أموالهم التي كانت لهم لديه، وتعذر أمواله التي كانت له عند الناس، فسأل جماعة من الجيران أن يصيروا معه إلى رجل[1] من قريش كان موسراٌ من أولاد أجوادهم ليسد من خلته، فصاروا إليه، فجلسوا في الصحن، فخرج إليهم يخطر بقضيب في يده، حتى ثنى وسادةٌ فجلس عليها، فذكروا حاجتهم وخلة صاحبهم، مع قديم نعمته وقريب جواره، فخطر بالقضيب. ثم قال متمثلاٌ2:
إذا المال لم يوجب عليك عطاءه ... صنيعة تقوى أو صديق توامقه3
بخلت وبعض البخل حزم وقوة ... فلم يفتلذك المال إلاحقائقه
ثم أقبل على القوم، فقال: إنا والله ما نجمد عن الحق، ولا نتدفق في الباطل، وإن لنا لحقوقاٌ تشغل فضول، وما كل من أفلس من الصيارفة احتلنا لجبره، قوموا رحمكم الله قال: فابتدر القوم الأبواب.
قوله: "فلم يفتلذك المال"، يقول: لم يقتطع منك، يقال فلذ له من العطاء: أي قطع له، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدرٍ حين قال الغلامان: في القوم عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام بن هشام، وأمية بن خلف وفلان وفلان، فقال رسول الله صلى عليه وسلم: "هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها".
وقال أبو قحافة أعشى باهلة يعني المنتشر بن وهب الباهلي:
تكفيه فلذة كبدٍ إن ألم بها ... من الشواء ويكفي شربة الغمر [1] هو ابن عمران الطلحى.
2 زيادات ر: "الشعر لنصيب؛ وقيل لكثير، والأول أثبت".
3 توامقه: توده.
اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 279