اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 269
فزعم سيبويه أنها منعت "ما" العمل كما منعت "ما" إن الثقيلة أن تنصب تقول: إن زيداً منطلق، فإذا أدخلت"ما" صارت من حروف الابتداء، ووقع بعدها المبتدأ وخبره والأفعال، نحو: إنما زيد أخوك، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [1] ولولا "ما" لم يقع الفعل بعد"إن" لأن"إن" بمنزلة الفعل، ولا يلي فعل فعلاً لأنه لا يعمل فيه، فأما كان يقوم زيدٌ، "كاد يزيع قلوب فريق منهم" ففي كان وكاد فاعلان مكنيان.
و"ما" تزاد على ضربين، فأحدهما أن يكون دخولها في الكلام كإلغائها، نحو {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [2] أي فبرحمة، وكذلك: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [3] وكذلك {مَثَلاً مَا بَعُوضَةً} [4] وتدخل لتغيير اللفظ، فتوجب في الشيء ما لولا هي لم يقع، نحو ربما ينطلق زيد، و {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [5]، ولولا" ما" لم تقع رب على الأفعال، لأنها من عوامل الأسماء، وكذلك جئت بعد ما قام زيد، كما قال المرار6:
أعلقة أم الوليد بعد ما ... أفنان رأسك كالثغام المخلس 7
فلولا" ما" لم يقع بعدها إلا اسم واحد، وكان مخفوضاً بإضافة" بعد" إليه، تقول: جئتك بعد زيد.
وقوله: "كالصقر جلى"، تأويل التجلي أن يكون يحس شيئاً فيتشوف إليه، فهذا معنى" جلى"، قال العجاج:
تجلى البازي إذا البازي كسر
أي نظر، ويقال: تجلى فلانٌ فلانه تجلياً، وأجتلاها اجتلاءً، أي نظر إليها وتأملها، والأصل واحد.
وقوله: " قديراً:، هو ما يطبخ في القدر، يقال: قدير ومقدور، كقولك: قتيل ومقتولٌ. [1] سورة فاطر 28. [2] سورة آل عمران 159. [3] سورة نوح 25. [4] سورة البقرة 26. [5] سورة الحجر 2.
6 زيادات ر: "هو المراد الفقعسى".
7 العلاقة: الحب. والوليد: تصغير الوليد، والأفتان في الصل: الغصون، وأراد بها هاهنا خصل الشعر.
اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 269