اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 250
العدا: الغرباء في هذا الموضع، ويقال للأعداء عداً، والعداة الأعداء لا غير.
وقال أعرابي من باهلو:
سأعمل نص العيس حتى يكفني ... غنى المال يوماً أو غنى الحدثان
فللموت خيرٌ من حياة يرى لها ... على المرء ذي العلياء مس هوان
متى يتكلم يلغ حكم مقاله ... وإن لم يقل قالوا عديم بيان
كأن الغنى في أهله بورك الغنى ... بغير لسانٍ ناطقٌ بلسان
من أخبار حارثة بن بدر الغداني
ونظير هذا الشعر ما حدثنا به في أمر حارثة بن بدرٍ الغداني، فإنا حدثنا عن حارثة بن بدر، وكان رجل بني تميم في وقته. وكان قد غلب على زيادٍ، وكان الشراب قد غلب عليه، فقيل لزيادٍ: إن هذا قد غلب عليك وهو مستهترٌ[1] بالشراب، فقال زياد: كيف لي بأطراح رجلٍ هو يسايرني منذ دخلت العراق، لم يصكك ركابي ركباه، ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عني فلويت عنقي إليه، ولا أخذ علي الشمس في شتاءٍ قط، ولا الروح في صيف قط، ولا سألته عن علم إلا ظننت أنه لم يحسن غيره. فلما مات زيادٌ جفاه عبيد الله، فقال له حارثة: أيها الأمير، ما هذا الجفاء مع معرفتك بالحال عند أبي المغيرة[2] فقال له عبيد الله: إن أبا المغيرة كان قد برع بروعاً لا يلحقه معه عيب، وأنا حدثٌ، وإنما أنسب إلى من يغلب علي، وأنت رجل تديم الشراب، فمتى قربتك فظهرت رائحة الشراب منك لم آمن أن يظن بي، فدع النبيذ وكن أول داخل علي وآخر خارج عني، فقال له حارثة: أنا لا أدعه لمن يملك ضري ونفعي، أفأدعه للحال عندك قال: فاختر من عملي ما شئت، قال: توليني رامهرمز[3]، فإنها أرض عذاةٌ[4]، وسرق[5] فإن بها شراباً وصف لي. فولاه إياهما، فلما خرج شيعه الناس، فقال أنس بن أبي أنيس: [1] مستهتر بالشراب. مولع به. [2] كنيةزياد. [3] رامهرمز: مدينة في بلاد الفرس. [4] أرض غذاة: طيبة. [5] سرق: إحدى كور الأهواز.
اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 250