اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 220
رفعت رجلاً لا أخاف عثارها ... ونبذت بالبلد العراء ثيابي
وهذا التفسير والإنشاد عن أبي عبيدة.
وقوله:
"دون النساء ولو باتت بأطهار"
معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون" الأقراء" الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى:
وفي كل أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وقوله: "ولو باتت بأطهار"، ف" لو" أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى" إن" الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد"وإن" قال الله عز وجل: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [1]، فأما قوله عز وجل: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} [2] فإن تأويله عند أهل اللغة: لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، فـ"لو" في معنى "إن" وإنما منع "لو" أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم "إن" أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.،وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه "إن "وكذلك متى أتيتني أتيتك، و"لو" تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء، فإذا أدخلت معها "لا" صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفاً لأنه لا يقع فيها الأسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن [1] سورة يوصف107. [2] سورة آل عمران 91.
اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 220