اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 166
باب من أمثال العرب
قال أبو العباس: من أمثال العرب: لم يذهب من مالك ما وعظك. يقول: إذا ذهب من مالك شيء، فحذرك أن يحل بك مثله، فتأديبه إياك عوضٌ من ذهابه.
ومن أمثالهم: رب عجلةٍ تهب ريثا. وتأويله أن الرجل يعمل العمل فلا يحكمه للاستعجال به، فيحتاج إلى أن يعود فينقضه ثم يستأنف، والريث الإبطاء، وراث عليه أمره إذا تأخر.
ومن أمثال العرب: عش ولا تغتر. وأصل ذلك أن يمر صاحب الإبل بالأرض المكلئة فيقول: أدع أن أعشي إبلي منها حتى أرد على أخرى، ولا يدري ما الذي يرد عليه.
وقريب منه قولهم: "أن ترد الماء بماء أكيس". وتأويله أن يمر الرجل بالماء فلا يحمل منه أتكالاً على ماءٍ آخر يصير إليه، فيقال له: أن تحمل معك ماء أحزم لك، فإن أصبت ماء آخر لم يضرك فإن لم تحمل فخفقت من الماء عطيت.
ومن أمثالهم: "قد أحزم لو أعزم"، يقول: أعرف وجه الحزم فإن عزمت فأمضيت الرأي فأنا حازمٌ، وإن تركت الصواب وأنا أراه وضيعت العزم لم ينفعني حزمي، ومثله قول النابغة الجعدي:
أبى لي البلاء وإني امرؤٌ ... إذا ما تبينت لم أرتب
وقال أعرابي يمدح سوار بن عبد الله:
وأوقف عند الأمر ما لم يضح له ... وأمضى إذا ما شك من كلام ماضيا
فالذي يحمد إمضاء ما تبين رشده، فأما الإقدام على الغرر وركوب الأمر على الخطر فليس بمحمود عندي ذوي الألباب، وقد يتحسن بمثله الفتاك، كما قال1:
عليكم بداري فاهدموها فإنها ... تراث كريم لا يخاف العواقبا
1 زيادات ر: "هو سعد بن ناشب المازنى، عن الرياشى وغيره".
اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 166