اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 148
فقال عبد الملك: ما قلت والله أسوأ مما قاله، فقيل له: فكيف كنت قائلاً في ذلك يا أمير المؤمنين? فقال كنت أقول:
أهيم بدعدٍ ما حييت فإن أمت ... فلا صلحت دعدٌ لذي خلةٍ بعدي
فقالوا: أنت والله أشعر الثلاثة يا أمير المؤمنين.
الفرزدق ونصيب وما قالاه من الشعر عند سليمان بن عبد الملك
وقد فضل نصيبٌ على الفرزدق في موقفه عند سليمان بن عبد الملك، وذلك أنهما حضرا، فقال سليمان للفرزدق: أنشدني -وإنما أراد أن ينشده مدحاً له- فأنشده:
وركب كأن الريح تطلب عندهم ... لها ترةٌ من جذبها بالعصائب1
سروا يخبطون الريح وهي تلفهم ... إلى شعب الأكوار ذات الحقائب2
إذا آنسوا ناراً يقولون ليتها ... -وقد خصرت أيديهم- نار غالب3
فأعرض عنه سليمان كالمغضب، فقال نصيب: يا أمير المؤمنين، ألا أنشدك في رويها ما لعله لا يتضع عنها! فقال: هات، فأنشده:
أقول لركب صادرين لقيتهم ... قفا ذات أوشال ومولاك قارب4
قفوا خبروني عن سليمان إنني ... لمعروفه من أهل ودان طالب5
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
وهذا في باب المدح حسن ومتجاوزٌ ومبتدع لم يسبق إليه. على أن الشاعر وهو أخو همدان قد قال في عصره في غير المدح:
يمرون بالدهنا خفافاً عيابهم ... ويخرجن من دارين بجر الحقائب
على حين ألهى الناس جل أمورهم ... فندلاً زريق المال ندل الثعالب
1 الترة: الثأر.
2 الأكوادر: الرحال، مفردها كور.
3 خصرت: بردت.
4 قفاذات أوشال: خلف بقعة ذات مياه. مياه مولاك: يريد نفسه، قارب: طالب للماء.
5 ودان: قرية قريبة من الجحفة.
اسم الکتاب : الكامل في اللغة والأدب المؤلف : المبرد، محمد بن يزيد الجزء : 1 صفحة : 148