اسم الکتاب : الفصول والغايات المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 84
رجع: منكراتي كعارف الجيادو كعوب المران، فليت شعري هل أنا مع الخطأ مصيب، سهمي في المعصية معلى الأسهم، وفرسى في حلبتها لاحق أو الوجيه، وناقتى في مراحلها وجناء الجمحي، ونجمى في ليلها الفرقد، وأنا في مضالها رافع بن عميرة وحنيف الحناتم، فهل لي في الخير نصيب! رب عجلٍ، حدث عن خجلٍ. ألا أنتظر غراب الليل ينهض وبازى الصبح يقع وشرقه تطلع من وراء الخباء لكل ثمر إدراك، وليس بكل واد أراك. اصبر إن الصريف سيروب. إن الله وله علو المكان جعل الشرغريزة في الحيوان، فأبعدهم من الشرور أقلهم حظافى المعقول؛ ألا ترى الحجر الموضوع مر به العاثر فأدمى الإبهام، لا ذنب للحجر لكن للواضع والعاثرين. يا خدعة لمن تخدعين! لو كنت إمرأة طلقتك أبين طلاقٍ، أو أمة سرحتك سراح الكريم، او ضائنة عبطتك لاول الطارقين؛ قد أخلقت الجسد فما تريدين! إظعنى عنه لا يحمدك في الحامدين، وإنزلي بالجدب أو الخصيب. مازلت آمل الخير وأرقبه حتى نضوت كملاً ثلاثين، كأني ذبحت بكل عامٍ حملاً أبرق، بياضه الأيام وسواده لياليه. وهيهأت! كأننى قتلت بالسنة حية عرماء؛ إن الزمن كثير الشرور. فلما تقضت الثلاثون وأنا كواضع مرجله على نار الحباحب، علمت ان الخير مني غير قريبٍ. الرجل كل الرجل من آتى الزكاة ورحم المسكين وتبرع بما لا يجب عليه وكره الحنث وكفر عن اليمين. لولا خشية المتقلب لكنت أحد الفائزين. يأتيني الرزق ما سعت فيه القدم ولا عرق الجبين وأصيب من الطيب غير حسيب. إد إلى التقوى كما يئد البعير، وبد الكافر فإنه عند الله دحير، وأتئد في أمرك فإن التؤدة من رب العالمين. وإذا كانت اللحى الشيب لا تكف عن قبيحٍ، فكن ئداً ما حييت. وأعلم أن الجدث جد ليس موضعه من الكلأ بحميدٍ، وحاسب نفسك على ما أصبت فإنك بالمحاسبة جدير. والخد المتصعر سيوضع من الأرض في أخدودٍ؛ فذد الخطايا عنك كما تذاد الزرق المترنمات فإن ذيادها يسير؛ وأرد على آمرك بغير الجميل، وزد عملك عن الخير إن وجدت المزيد، وإياك وسدا لاضياء فيه، وشد الحسنة وثاق الطائر، ولا تامنن أن تبين، وصد أفعال الخير؛ فإن صادتها ليسوا بكثير، ومت وإناؤك من الصدقة ضديد، وطد بناءك على أسٍ؛ حسنك معدود، وسيئك ليس بعدبدٍ، أغد على ذكر الله وأمس إليه، فنعم الصاحب والضجيع، وفد ناهيك عن المنكر مع المفدين، وقد نفسك إلى الواجب ولو بجرير، وكد معاديك بأن تجتنب أفعال الكائدين، ودل السائل إذا لم تعط لتكون نعم الدليل، ودم على ماقربك من الأبرار الطيبين، ودن من فعل خيراً معك فإنك مدين، وفي خالقك ود إن كنت من الوادين، وضع الأيدي عند من ذم وشكر فإن الله رزق الشاكر والكنود، واعلم أن الحياة أخبرت عن الموت كما دل على الكلمة بالحروف هاجٍ. غاية.
تفسير: وجناء الجمحي: ناقة أبى دهبلٍ وكان يفرط في صفتها. ورافع ابن عميرة: يوصف بالهداية وهو من طبئ؛ قال الراجز:
لله عينا رافع كيف اهتدى ... فوز من قراقر إلى سوى
خمساً إذا ما ساره الجبس بكىوحنيف الحناتم: من سعد بن زيد مناة، والعرب تزعم أنه دخل وباروهى ديار إرم فيما يزعمون، وتذكر العرب أن الجن غلبت عليها وأن حنيفاً دخلها فضربت الجن وجهه فعمى وأنه كان بعد عماه من أهدى العرب. وشرقه: الشمس. والصريف: اللبن الذي ينصرف به من الضرع حاراً. ويروب: يصير فيه الزبد. والعرماء: التي فيها سواد وبياض.
وحسيب أي محسوب. وأد البعير يئد إذا حن أشد الحنين. وبد الكافر أي تجاف به؛ وأصله من بد رجله إذا مدها وأبعدها. والثد مثل الثط ذكره أبو نصر في خلق الإنسان. والجد: البئر الجيدة الموضع من الكلأ. والزرق المترنمات: الذباب. وأرد: من قولهم أرد وجهه إذا تغير من الغيظ. والضديد: معدول عن المضدود وهو المملوء. وطد: ثبت. وحسنك معدود أي أنه قليل.
اسم الکتاب : الفصول والغايات المؤلف : المعري، أبو العلاء الجزء : 1 صفحة : 84