responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 6
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثلما فعلوا
وممّن أجاد في الإفتخار بحسبه أبوالطمحان وذلك حيث قال:
وإنّي من القوم الذين هم هم ... إذا مات منهم سيّد قام صاحبه
أضائت لهم أحسابهم ووجوهم ... دجى الليل حتّى نظّم الجزع ثاقبه
نجوم سماء كلّما انقضّ كوكب ... بدى كوكب تأوى إليه كواكبه
وما زال منّا حيث كان مسوّد ... تسير المنايا حيث سارت مواكبه
أخذ قوله: أضائت لهم إلى آخره أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن تميم المعروف بالحصيري القيراوي فنقله من الإفتخار إلى الغزل، فقال:
حتّى إذا طاح منها المرط من دهش ... وانحلّ بالظلم نظم العقد في الظلم
تبسّمت فأضاء الليل فالتقطت ... حباة منتثر في ضوء منتظم
وأخذ السيّد الرضي فقال:
بتنا ضجيعين في ثوبي هوى وتقى ... يلفّنا الشوق من قرن إلى قدم
وبات بارق ذاك الثغر يوضح لي ... مواقع اللثم في داج من الظلم
وقال أبو التمام وأحسن ما شاء في نعت الأحساب:
ما إن ترى الأحساب بيضاً وضحاً ... إلاّ بحيث ترى المنايا سودا
وقال أبوطالب المأموني مفتخراً:
أرى مأربكم في نظم قافية ... وما أرى لي في غير العلا إربا
عدّوا عن الشعر إنّ الشعر منقصة ... لذي العلاء وهاتوا المجد والحسبا
ويشعر بذلك قول أفلاطون الحكيم: من جمع إلى شرف أصله شرف نفسه فقد قضى الحقّ الذي عليه واستدعى التفضيل بالحجّة، ومن أغفل نفسه واعتمد على شرف آبائه فقد عقّهم واستحقّ أن لا يقدم بهم على غيره.
وقوله أيضاً: كما أنّ من كان له سلف في الشجاعة والسخاء لا يستحقّ أن يكرم لسلفه إذا كان جباناً بخيلاً، فكذلك سائر أنواع الشرف لا يستحقّ المنتسب إليها التقديم إلاّ إذا حوى ما يذكر به أسلافه.
وقال أيضاً: السعيد من تمّت به رياسة آبائه، والشقي منهم من انقطعت عنده.
أقول: بل أرى المرء بحسبه أكمل في الفخر إذا زاد بشرف نفسه ذكر آبائه نباهة، وما أحسن قول مهيار في زيادة الابن على آبائه شرفاً:
وجئت بمعنىً زائد فكأنّهم ... وما قصروا عن غاية المجد قصّروا
وقوله أيضاً وهو من بدائعه ونوادره، بل هو بالسحر أشبه منه بالشعر، وذلك حيث قال:
إن كنت ممّن طواه الدهر ممترياً ... منهم فعندك من منشورهم خبر
هذا الحسين حيوة خلّدت لهم ... ما هم بأوّل موتى بابنهم نشروا
صلّى فزادت على السبّاق حلبته ... محلّق العرف جار خطوه حضر
كالسهم أحرز ذكراً يوم ترسله ... لم يعطه أبواه القوس والوتر
عصارة فضّلت في الطيب طينتها ... والخمر أطيب شيء منه يعتصر
قوله: جار خطوه حضر أي واسع.
وأمّا أصله: فأقول إنّه تفرّع عن أصل تروّت بماء الكرم أرومته، ونمت في طينة الشرف جرثومته، وبسقت أراكة شرفه في آفاق المآثر آخذةً بأطراف المفاخر، فتفيّأ العفاف ظلّ أفنانها، واجتنت أكفّ الآمال ثمار أغصانها.

كريم تفرّع عن دوحة ... ذكى في العلا طيب أعراقها
وكم قد تغنّت بأحلى المديح ... حمام الثناء على ساقها
وعلى ذكر الأصل ما رواه الصلاح الصفدي في شرح لامية العجم، قال: نقلت من بعض مجاميع القاضي شمس الدين بن خلّكان قال: أنشدني بعض الاُدباء في الجمال أبي الحسين الجزّار ولا أعرف قائله ولا الأبيات المضافة إليه، فقلت لأبي الحسين ذلك، وقلت إن كنت تعرف ذلك فأنشدنيه وعرّفني قائله، فقال: وما البيت؟ فأنشدته:
فليس يرجوه نمير كلب ... وليس يخشاه نمير تيس
قال: فاستحسن ذلك المعنى، وجائني ثاني يوم وقال: قد عملت أبياتاً، وأنشدني قوله:
ألا قل للذي يسئل ... عن قومي وعن أهلي
يريقون دم الأنعام ... في حزن وفي سهل
وما زالوا لما يبدون ... من بأس ومن بذل
يرجّيهم بنو كلب ... ويخشاهم بنو عجل
قال الصلاح: وأوّل البيتين اللّذَين أوردهما ابن خلّكان هو:
إن تاه جزّاركم عليكم ... بفطنة في الورى وكيس

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست