responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 43
فاستعار من ألفاظها ومعانيها ما أوجب أن قال البحتري:
ما الدهر مستنفد ولا عجبه ... تسومنا الخسف كلّه نوبه
نال الرضا مادح وممتدح ... فقل لهذا الزمان ما غضبه
أجلى لصوص البلاد يطردهم ... وظل لص القريض ينتبه
أُردد علينا الذي استعرت وقل ... قولك يعرف الغالب غلبه
وقد ذمّ ابن الرومي البحتري بالسرقة فقال:
قبحاً لأشياء يأتي البحتري بها ... من شعره الغث بعد الكدّ والتعب
كأنّها حين يسعى السامعون بها ... ممّن يميّز بين النبع والغرب
رقى العقارب أو هذر البنات إذا ... أضحوا على شعث الجدران في صخب
منها:
حيٌ يغير على الموتى فيسلبهم ... حرَّ الكلام بجيش غير ذي لجب
ما أن تزال تراه لابساً حللاً ... أسلاب قوم مضوا في سالف الحقب
شعرٌ يغير عليه باسلاً بطلاً ... فينشد الناس إيّاه على رقب
حتّى إذا كفّ عن عاداته فله ... شعرٌ يئنّ مقاسيه من الوصب
شعرٌ كنافض حمّى الخيبري له ... برد وكرب فمن يرويه في كرب
قل للعلاء بن عيسى والذي نصلت ... به الدواهي نصول الآل في رجب
أيسرق البحتري الناس شعرهم ... جهراً وأنت نكال اللصّ ذي الربب
وتارة يبرز الأرواح منطقه ... والخلق مابين مغصوب ومغتصب
ومنها:
إذا أجاد فأوجب قطع مقوله ... فقد دعا شعراء الناس بالحرب
وإن أساء فأوجب قتله قوداً ... بمن أمات إذا أبقى على السلب
ولا يخفى على ذي لبّ ما في هذه الأبيات من التشنيع على البحتري والإنتقاص من حقّه وفيه يقول ابن الحاجب أيضاً:
والفتى البحتري سارق ما قا ... ل ابن أوس في المدح والتشبيب
كلّ بيت له يجوَّد معناه ... فمعناه لابن أوس حبيب
وللسري الرفاء من قصيدة خاطب فيها أبا الخطاب الفضل بن ثابت الصابي وقد سمع أنّ الشاعرين الخالديين يريدان الرجوع إلى بغداد وذلك أيّام المهلبي الوزير، أوّلها:
بكرت عليك مغيرة الأعراب ... فاحفظ ثيابك يا أباالخطّاب
ورد العراق ربيعة بن مكدَّم ... وعتيبة بن الحارث بن كلاب
أفعندنا شكٌّ بأنّهما هما ... في الفتك لا في صحّة الأنساب
جلبا إليك الشعر من أوطانه ... جلب التجار طرائف الأجلاب
فبدائع الشعراء فيما جهّزا ... مقرونة بغرائب الكتّاب
شنّا على الآداب أقبح غارة ... جرحت قلوب محاسن الآداب
فحذار من نفثات صلي قفرة ... وحذار من فتكات ليثَي غاب
لا يسلبان أخا الثراء وإنّما ... يتناهبان نتائج الألباب
إن عزَّ موجود الكلام عليهما ... فأنا الذي وقف الكلام ببابي
أو يهطبا من ذلّة فأنا الذي ... ضربت على الشرف المطلّ قبابي
كم حاولا أمدي فطال عليهما ... إن يدركا إلاّ مثار ترابي
عجزا ولن تقف العبيد إذا جرت ... يوم الرهان مواقف الأرباب
ولقد حميت الشعر وهو لمعشر ... رمم سوى الأسماء والألقاب
وضربت عنه المدّعين وإنّما ... عن حوزة الآداب كان ضرابي
فغدت نبيط الخالديّة تدّعي ... شعري وترفل في حبير ثيابي
قوم إذا قصدوا الملوك لمطلب ... نقضت عمائهم على الأبواب
من كلّ كهل تستطير سباله ... لونين بين أنام البوّاب
مغض على ذلَّ الحجاب يردّه ... دامي الجبين تجهّم الحجّاب
ومفوّهين تعرّضاً لحرابتي ... فتعرّضت لهما صدور حرابي
نظراً إلى شعري يروق فترّبا ... منه خدود كواعب أتراب
شرباه فاعترفا له بعذوبة ... ولربّ عذب عاد سوط عذاب
في غارة لم تنثلم فيها الضبا ... ضرباً ولم تبد القنا بخضاب
تركتْ غرائب منطقي في غربة ... مسبيّة لا تهتدي لإياب
جرحى وما ضربت بحدّ مهنّد ... أسرى وما حملت على الأقتاب
لفظ صقلت متونه فكأنّه ... في مشرقات النظم درّ سحاب
وكأنّما أجريت في صفحاته ... قمر اللجين وخالص الزّرياب
أغربت في تحبيره فرواته ... في نزهة منه وفي استغراب
وقطعت فيه شبيبةً لم تشتغل ... عن حسنه بصباً ولا بتصابي

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست