responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 207
أمّا بعد؛ فالداعيى لتنميق صحيفة الإخلاص، والوكة المحبّة والإختصاص، هو محض الإستفهام عن مزاج من فضح النسيم طبعاً، والإستعلام عن دوام ابتهاج من ترك محبّيه على ساحة الفراق صرعى، على أنّي أسير أعلاق الوجد والهيام، ورهين أشراق الشوق والغرام، فالأرض تارة معشبة بدموعي، وأخرى مصوحة بضرام ولعي وهلوعي.

فبرح بي شوق ملحٌّ إلى فتىً ... تعلم منه الغيث كيف يجود
همام طما بحراً بكلّ فضيلة ... وقد ساغ منه للأنام ورود
وبينما أُعلّل النفس بالفوز في نظر محياك، وأروّح الروح بجميل ذكرك ونشر ريّاك، إذ وردتني مألكة نثرك الرائق، وعقيلة نظمك الفائق، منسوجة ببنان الفضل البار، فأزرت بوشي صنعاء، مرصّعة بدرر بحر البارع الماهر، فحسدتها قلائد الحسناء، فيا أيّة االسيّد الذي أضاء بفلك المجد بدر علاه، والبارع الذي ما نصب للفضل منبر إلاّ رقاه.

كسوتَ فضلي أبراداً مفوّقةً ... من النهى نسجتها أنمل الفكر
وزنت جيد العلى من بحر فكرك في ... منظومة درراً أبى من الدرر
ألفاظها نفحات الروض باكره ... قطر الندى فغدا مستطرف الزهر
لها معان بآراء الورى فعلت ... فعل اللحاظ بأبناء الهوى العذري
لقد تحلّت وراقت في دقائها ... كما تحلّت عيون الغيد بالحور
فليس لفظ حوته غير منتخب ... وليس معنىً زهاها غير مبتكر
فيالها من بدائع بيان بزغت في أكواب الطروس شماً، وذكّرتنا سلاف أسلافها وأنستنا قبساً وقسّاً، فأسكرتنا براح معانيها الرقاق، وملئت جانبي بغداد بالإشراق، وغنّت بها بلابل السعد، على منابر الأغصان، وحدّت بها حداة الوخد، بمطربات الألحان، فيامن تحلّت بدرر ثنائه الطروس، وانتعشت بذكر صفائه النفوس.

لولا الهموم الطارقات وإن أكن ... فرغت شطر القلب في ذكراكا
لنظمت حبّات القلوب فرائداً ... عرنيةً يزهو بها مغناكا
لكنّني ماذا أقول وإنّما ... يتحيّر النحرير في معناكا
غير أنّي حين حرّكتني لواعج الشوق والكلف، وهيّجتني علائق التوق والشغف، بعثت بهذه الخريدة الهيفاء، والفريدة الغرّاء فأعرها سمع رأفتك الكامله، وألحظها بعين محبّتك الشامله، وهي هذه:
نبت الروض من دموعي الذوارف ... إذ شجاني في الدوح سجع الهواتف
ذكّرتني وكيف أنسى أغناً ... مائس القد كالرديني هائف
وغزالاً مورد الخد غضّاً ال ... جيد مرَّ الصدود حلو المراشف
راقني منه مرسلات جعود ... بين قاني خدوده والسوالف
فلو أنّي لم أخش تلك الأفاعي ... كنت من ورد خدّه الغضّ قاطف
عكّف الحسن والدلال عليه ... والتصابي باد عليه وعاكف
لاذ بالمستجار من وجنتيه ... منه خالٌ بكعبة الحسن طائف
أمن النّاس حيث فيَّ استجاروا ... وفوآدي مروَّع منه خائف
يا رشيقاً قد راق للعين حتّى ... ما عليه من ناعمات المطارف
عد لربع تخذّت فيه صبوحي ... وغبوقي اللما وأنت المساعف
فترفّق بالمستهام وإنّي ... جئت مستعطفاً بلين المعاطف
وأمنحن بالوصال يا روح روحي ... شافعاً للتليد منه بطارف
يا فؤادي دع عنك ذكر غزال ... شأنه الدل للصدود محالف
واذكر عهد سيّد ألمعيّ ... أبهر النّاس بالحجا والمعارف
يا أباالفضل قد تساميت فضلاً ... ولسان الثنا بفضلك هاتف
حار وصفي في كنه فضلك يا من ... بمزاياه لم يحط وصف واصف
إن أقل فاضل فما الفضل إلاّ ... لك عبدٌ للأمر عندك واقف
أو أقل حاتم الندى فأيادي ... ك ندىً عمّت الورى بالعوارف
إنّما حاتم وإن فاض جوداً ... هو بالجود من بحارك غارف
وحداة المطا بذكرك غنّت ... وتحلّت بالمدح فيك المصاحف
ردّ لي عهدك القديم بمغنىً ... ألبسته يد الربيع مطارف
ففؤادي قد بان مذ بنت عنّي ... وهو أنّي خطفت كالبرق خاطف
وضلوعي انحنت عَلَيّ جمرات ال ... شوق والجفن في دمق القلب راعف

اسم الکتاب : العقد المفصل المؤلف : الحلي، حيدر    الجزء : 1  صفحة : 207
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست