responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العبرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 40
عَلَى عِلَّاته وَفَاء بِعَهْدِهِ اَلسَّابِق وَرَجَاء لِغَدِهِ اَلْمُنْتَظَر مُحْتَمَلًا فِي سَبِيل ذَلِكَ مِنْ حُمْقه وَوَسْوَاسه وَفُسَّاد تَصَوُّرَاته وَغَرَابَة أَطْوَاره مَا لَا طَاقَة لِمَثَلِي بِاحْتِمَال مِثْله حَتَّى جَاءَنِي ذَات لَيْلَة بِدَاهِيَة اَلدَّوَاهِي وَمُصِيبَة اَلْمَصَائِب فَكَانَتْ آخِر عَهْدِي بِهِ.
دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَرَأَيْته وَاجِمًا مُكْتَئِبًا فحييته فَأَوْمَأَ إِلَى بِالتَّحِيَّةِ إِيمَاء فَسَأَلَتْهُ مَا بَاله فَقَالَ مَا زِلْت مُنْذُ اَللَّيْلَة مِنْ هَذِهِ اَلْمَرْأَة فِي عَنَاء لَا أَعْرِف اَلسَّبِيل إِلَى اَلْخَلَاص مِنْهُ وَلَا أَدْرِي مَصِير أَمْرِي فِيهِ قُلْت وَأَيّ اِمْرَأَة تُرِيد ? قَالَ تِلْكَ اَلَّتِي يُسَمِّيهَا اَلنَّاس زَوْجَتِي وَأُسَمِّيهَا اَلصَّخْرَة اَلْعَاتِيَة فِي طَرِيق مُطَالِبِي وَآمَالِي قَلَّتْ إِنَّك كَثِير اَلْآمَال يَا سَيِّدِي فَعَنْ أَيّ آمَالك تَحْدُث ? قَالَ لَيْسَ لِي فِي اَلْحَيَاة إِلَّا أَمَل وَاحِد هُوَ أَنْ أُغْمِض عَيْن ثُمَّ أَفْتَحهَا فَلَا أَرَى بُرْقُعًا عَلَى وَجْه اِمْرَأَة فِي هَذَا اَلْبَلَد قُلْت ذَلِكَ مَا لَا تَمْلِكهُ وَلَا رَأَى لَك فِيهِ قَالَ إِنَّ كَثِيرًا مِنْ اَلنَّاس يُرُونَ فِي اَلْحِجَاب رَأْيِي وَيَتَمَنَّوْنَ فِي أَمَرّه مَا أَتُمَنِّي وَلَا يَحُول بَيْنهمْ وَبَيْن نَزْعه عَنْ وُجُوه نِسَائِهِمْ إبرازهن إِلَى اَلرِّجَال يجالسنهم كَمَا يَجْلِس بَعْضهنَّ إِلَى بَعْض إِلَّا اَلْعَجْز وَالضَّعْف وَالْهَيْبَة اَلَّتِي لَا تَزَال تُلِمّ بِنَفْس اَلشَّرْقِيّ كُلَّمَا حَاوَلَ اَلْإِقْدَام عَلَى أَمْر جَدِيد فَرَأَيْت أَنْ أَكُون أَوَّل هَادِم لِهَذَا اَلْبِنَاء اَلْعَادِيّ اَلْقَدِيم اَلَّذِي وَقَفَ سَدًّا دُون سَعَادَة اَلْأُمَّة وَارْتِقَائِهَا دَهْرًا طَوِيلًا وَأَنْ يَتِمّ عَلَى يَدَيْ مَا لَمْ يَتِمّ عَلَى يَد أَحَد غَيْرِي مِنْ دُعَاة اَلْحُرِّيَّة وَأَشْيَاعهَا فَعَرَضَتْ اَلْأَمْر عَلَى زَوْجَتِي فَأَكْبَرَتْهُ وَأَعْظَمَتْهُ وَخَيْل إِلَيْهَا أَنَّنِي جُثَّتهَا بِإِحْدَى اَلنَّكَبَات اَلْعِظَام والرزايا اَلْجِسَام وَزَعَمَتْ أَنَّهَا إِنْ بَرَزَتْ إِلَى اَلرِّجَال فَإِنَّهَا لَا تَسْتَطِيع أَنْ تَبْرُز إِلَى اَلنِّسَاء بَعْد ذَلِكَ.

اسم الکتاب : العبرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست