responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العبرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 160
أَمْر اَلْخُطْبَة شَيْئًا حَتَّى أُسَافِر إِلَى بَارِيس وَأَعُود مِنْهَا.
ذَلِكَ مَا حَمَلَنِي عَلَى اَلْمَجِيء إِلَى بَارِيس وَهَذِهِ هِيَ قِصَّتِي اَلَّتِي جِئْت أَعْرَضهَا عَلَيْك وَأَنْتَظِر حُكْمك فِيهَا وَقَدْ كَتَمَتْهَا عَنْ اَلنَّاس جَمِيعًا حَتَّى عَنَّ وَلَدِي أَرْمَان فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ?
وَهُنَا أَطْرُق بِرَأْسِهِ طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَهَا فَإِذَا عَبْرَة تَتَرَقْرَق فِي عَيْنَيْهِ وَإِذَا هُوَ يُحَاوِل اَلْكَلَام فَلَا يَسْتَطِيعهُ فَرَحْمَته مِمَّا بِهِ وَأَعْظَمَتْ مُصَابه حَتَّى نَسِيَتْ مُصَابِي بِجَانِبِهِ وَسَادَ اَلسُّكُون بَيْننَا سَاعَة لَا يوقل لِي شَيْئًا وَلَا أَدْرِي مَاذَا أَقُول لَهُ حَتَّى هَدَأَ ثَائِره قَلِيلًا فَمَدَّ يَده إِلَى يَدِي فَأَخَذَهَا بَيْن ذِرَاعَيْهِ وَعَاد إِلَى حَدِيثه يَقُول:
مَرْغِرِيت إِنَّ حَيَاة اِبْنَتِي بَيْن يَدَيْك فَامْنَحِينِي إِيَّاهَا تَتَّخِذِي عِنْدِي يَدًا لَا أَنْسَاهَا لَك حَتَّى اَلْمَوْت.
إِنَّنِي لَا أَسْتَطِيع أَنْ أَرَاهَا تَمُوت بَيْن يَدِي وَلَوْ تَمَّ ذَلِكَ لَمَّتْ عَلَى أَثَرهَا حُزْنًا وَكَمَدًا وَضِمْنًا فِي يَوْم وَاحِد قَبْر وَاحِد لَقَدْ رَأَيْت مَصْرَع أُمّهَا مُنْذُ خَمْس سِنِينَ وَلَا يَزَال أَثَره بَاقِيًا فِي نَفْسِي حَتَّى اَلْيَوْم وَلَا أَسْتَطِيع أَنْ أَرَى هَذَا اَلْمَشْهَد مَرَّة أُخْرَى فِي اِبْنَتهَا وَصُورَتهَا اَلْبَاقِيَة عِنْد مَنْ بَعْدهَا.
إِنَّنِي أُحِبّهَا حُبًّا جَمًّا وَلَا أَسْتَطِيع أَنْ أَرَاهَا فِي سَاعَة مِنْ سَاعَاتهَا حَزِينَة أَوْ مُكْتَئِبَة فَكَيْفَ أَنْ أَرَاهَا تُعَالِج سَكَرَات اَلْمَوْت!
إِنَّك لَا تُعَرِّفِينَهَا يَا مَرْغِرِيت وَأَعْتَقِد أَنَّك لَوْ رَأَيْتهَا لأحببتها كَمَا أَحَبَّهَا وَلِرَحْمَتِهَا كَمَا أَرْحَمهَا وَلِفِدْيَتِهَا بِمَا تَسْتَطِيعِينَ رَأْفَة

اسم الکتاب : العبرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست