responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العبرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 152
كِدْت أَقُول لَهُ وَلَا أَكْتُمك ذَلِكَ تَذْكُر يَا سَيِّدِي أَنَّك فِي مَنْزِلِي وَأَنَّنِي لَمْ أَدْعُك إِلَى زِيَارَتِي بَلْ أَنْتَ اَلَّذِي دَعَوْت نَفْسك بِنَفْسِك ثُمَّ ذَكَرَتْ مَكَانه مِنْك فَأَمْسَكَتْ عَنْ كُلّ شَيْء حَتَّى عَنَّ اَلْجَوَاب عَلَى سُؤَاله فَمَشَى يَضْرِب اَلْأَرْض بِعَصَاهُ وَبِقَدَمِهِ حَتَّى دَنَا مِنِّي وَأَلْقَى عَلَيَّ تِلْكَ اَلنَّظْرَة اَلَّتِي اِعْتَادَ اَلْأَشْرَاف اَلْمُتَرَفِّعُونَ أَنْ يُلْقُوهَا فِي طَرِيقهمْ عَلَى وُجُوه اَلنِّسَاء اَلْعَاهِرَات وَقَالَ لَقَدْ أَنْفَقَ وَلَدَيَّ عَلَيْك جَمِيع مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ اَلْمَال وَكَانَ فِي يَده اَلْكَثِير مِنْهُ ثُمَّ جَمِيع مَا أَرْسَلَتْهُ إِلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ وَقَدْ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ فَوْق طَاقَتِي فَلَمْ يَبْقَ فِي اِسْتِطَاعَته أَنْ يَمُدّك بِأَكْثَر مِمَّا أَمُدّك وَلَا فِي اِسْتِطَاعَتِي أَنْ استنزل لَهُ مِنْ اَلسَّمَاء ذَهَبًا يُمْطِرهُ عَلَيْك وَلَا فِي اِسْتِطَاعَتِي أَنْ أستنزل لَهُ مِنْ اَلسَّمَاء ذَهَبًا يُمْطِرهُ عَلَيْك فَدَعِيهِ وَشَأْنه فَالْبَلَد مَمْلُوء بِالْأَبْنَاءِ اَلَّذِينَ لَا يَحْتَاج آبَاؤُهُمْ إِلَيْهِمْ فَدَعِيهِ وَشَأْنه وَاَلَّذِينَ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْفُسهمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي فِي حَاجَة إِلَى وَلَدِي لِأَنِّي لَمْ أُرْزَق وَلَدًا سِوَاهُ وَمَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ هَذِهِ اَلثَّرْوَة مِنْ اَلْجِمَال اَلَّتِي تَمْلِكِينَهَا لَا يَضِيق بِهِ مَذْهَب مِنْ مَذَاهِب اَلْعَيْش وَلَا يَتَلَوَّى عَلَيْهِ مَأْرَب مِنْ مَآرِب اَلْحَيَاة فَسَرَّتْ كَلِمَاته فِي نَفْسَيْ سُرْيَان اَلْحُمَّى فِي عِظَام اَلْمَحْمُوم وَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ هَذَا اَلْمَائِل أَمَامِيّ لَا يُحَدِّثنِي وَإِنَّمَا يجزعني اَلسُّمّ بِيَدِهِ تجريعا وَشَعَرَتْ بِذِلَّة لَمْ أَشْعُر بِمِثْلِهَا فِي يَوْم مِنْ أَيَّام حَيَاتِي إِلَّا أَنَّنِي تَجَلَّدَتْ وَاسْتَمْسَكَتْ وَرَدَّدَتْ نَفْسِيّ عَلَى بِالْإِغْوَاءِ وَقَلَّتْ لَهُ بِصَوْت هَادِئ سَاكِن لَا يمازجه غَضَب وَلَا نزق يَا سَيِّدِي نَعَمْ إِنَّنِي أَحَبّ وَلَدك وَلَكِنِّي لَا اطمع فِيهِ وَلَوْ كَانَ اَلَّذِي يَعْنِينَ مِنْهُ اَلطَّمَع فِي مَاله لفارقته مُنْذُ ثَلَاثَة شُهُور أَيْ مُنْذُ خَلَتْ يَده مِنْ اَلْمَال وَأَصْبَحَ لَا يَجِد اَلسَّبِيل إِلَيْهِ بِحَال مِنْ اَلْأَحْوَال بَلْ لفارقته قَبْل ذَلِكَ لِأَنَّ اَلَّذِينَ لَا يَزَالُونَ يُسَاوِمُونَنِي فِي نَفْسِي مِنْ أَشْرَاف هَذَا اَلْبَلَد وَنُبَلَائِهِ مُنْذُ اِتَّصَلَتْ بِهِ حتي اَلْيَوْم أَفْضَل مِنْهُ وَأَكْثَر رَغَدًا عَلَى أَنَّ وَلَدك لَمْ يُنْفِق عَلَيَّ مِنْ هَذَا اَلْمَال

اسم الکتاب : العبرات المؤلف : المنفلوطي، مصطفى لطفي    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست