responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 74
الناس عن الصنائع"[1]. وآمنوا بأن الرعي والتجارة والصيد والنهب هي وحدها الأعمال التي تليق بالرجال[2]، وهي كلها أعمال بعيدة عن الاستقرار.
ونستطيع بعد هذه النظرة العامة أن نركز الضوء على أبطال قصتنا، صعاليك العرب، حيث يتحركون على هذا المسرح الجغرافي الذي رسمنا خطوطه الأساسية، لنتبين كيف تأثرت حركتهم به، وكيف تكيفت معه.
أول ما نلاحظه أن هذه البيئة الجغرافية كانت عاملا أساسيا في وجود الفقر من ناحية، وفي الإحساس به من ناحية أخرى.
فهذه البيئة الصحراوية ذات المناخ الحاد، والموارد الطبيعية المحدودة، التي تعتمد على المطر تجود به السماء في فترات متباعدة غير منتظمة، والتي يسيطر عليها الجفاف والجدب أكثر شهور السنة، والتي تقع تحت وطأة الطبيعة مباشرة، فلا يجد أهلها إذا ما اشتدت عليهم إلا الهجرة، عامل فعال في وجود الفقر.
ويلاحظ الدارسون أن "البدوي والعوز صاحبان ألف كل منهما صاحبه"[3]، وأن "الفقر مكان الشظف والسغب". وأن "نكد العيش وشظف الأحوال وسوء المواطن" التي اختص بها أهل البادية أمور "حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة"[4]، وأن الظروف الاجتماعية التي تسود البيئة الصحراوية توصد أبواب الرزق في وجوه أبنائها، وتجعل من العمل في سبيله مهمة شاقة غير مثمرة، فهي حياة تعرف الكدح الكثير، ولكنها تضيع ثمرته[5]. "فهذه السهول القاحلة تحول دون نمر الثروة الإنتاجية، فيما عدا قطعان الغنم والماشية، بل إنها تحد من نمو هذه القطعان نفسها، نظرا لقلة ما تقدمه لها مراعيها الهزيلة المتفرقة من غذاء، وهو غذاء لا يتجاوز تلك

[1] انظر الفصل الحادي والعشرين من الباب الخامس من الكتاب الأول من المقدمة/ 404.
[2] the ency. of islam; art. arabia, P. 375.
[3] semple; influences of geographic environment, P. 490.
[4] ابن خلدون: المقدمة، الفصل التاسع من الباب الثاني من الكتاب الأول/ 129.
[5] semple; influences of geographic environment, P. 1.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست