اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 69
فتكاثرت الأسداد بتكاثر الأودية حتى تجاوزت المئات"[1]، ويذكر الهمذاني أن في أحد مخاليف اليمن ثمانين سدا أشار إليها بعض شعرائهم[2].
أما أهل البادية في الحجاز ونجد فقد تركوا السماء تمطر فتحيي لهم ما تحيي من الأرض، فإذا زادت مياهها عن الحاجة ذهبت بها رمال الصحراء، حتى إذا ما انقضى فصل المطر عادت الطبيعة لجدبها، وعادت الحياة لجفافها، وعاد القوم لظمئهم وقحطهم. ويبدو أن السبب في هذا يرجع إلى طبيعة الظاهرة الجغرافية نفسها، فإن تلك السيول التي عرفتها أودية اليمن لم تعرفها البادية العربية في الحجاز ونجد -بحكم ظروفها الجغرافية- إلا نادرا، هذا إلى جانب أن أكثر أهل الحجاز ونجد كانوا بدوا لم يصلوا من الحضارة إلى درجة التحكم في هذه السيول والانتفاع بها.
ومع ذلك فليست الجزيرة العربية كلها جدبا، وإنما هناك مناطق خصبة، وقد رأينا خصب اليمن التي يسميها الهمداني "اليمن الخضراء" لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها[3].
ويذكر الجغرافيون من هذه المناطق الخصبة هضبة نجد العالية[4]، التي ترتفع عن سطح البحر زهاء أربعة آلاف قدم، والتي تكسو أغلبها مراع خصبة، وتنتشر فيها الاشجار، ومن هنا اشتهرت بنتاج غنمها وإبلها وخيلها[5]، ويرجع السبب في هذه الخصب إلى وفرة المياه التي "توجد في كل مكان، في آبار لا يتجاوز عمقها خمسة عشر قدما وقد يقل عنها"[6]، كما أن قممها التي يتجاوز ارتفاعها خمسة آلاف قد تساعد على تجميع المياه[7]. [1] جرجي زيدان: العرب قبل الإسلام 1/ 141. [2] صفة جزيرة العرب 1/ 101. [3] المصدر السابق/ 51. [4] semple; influences of geographic environment, P. 501. [5] zwemer; arabia, the gradle of islam, pP. 147-148. [6] ibid,. P. 147. [7] semple; influences of geographic environment, P. 501.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 69