responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 49
الصراع بانهزام خثعم وتفرقها، وانطلاق الصعاليك بغنيمهم[1].
في هذه القصة نرى صورة من حياة الصعاليك في المجتمع الجاهلي، تلك الحياة التي كانت تقوم على "الغزو والإغارة للسلب والنهب"، ومثلا قويا لذلك الصراع الدامي الذي كان الصعاليك يخوضون غماره في سبيل الحياة، وهو صراع كانوا يخوضون غماره في شجاعة وقوة لأنهم كانوا يتمثلونه صراعا بين الحياة والموت.
وفي أخبار عروة أنه كان -إذا أصابت الناس سنة شديدة- يجمع المرضى والضعفاء والمسنين من عشيرته، "ثم يحفر لهم الأسراب، ويكنف عليهم الكنف، ويكسبهم، ومن قوي منهم إما مريض يبرأ من مرضه، أو ضعيف تثوب قوته، خرج به معه فأغار، وجعل لأصحابه الباقين في ذلك نصيبا. حتى إذا أخصب الناس وألبنوا وذهبت السنة ألحق كل إنسان بأهله، وقسم له نصيبه من غنيمة إن كانوا غنموها، فربما أتى الإنسان منهم أهله وقد استغنى"[2].
وفي أخباره أيضا أنه "بلغه عن رجل من بني كنانة بن خزيمة أنه أبخل الناس وأكثرهم مالا، فبعث عليه عيونا فأتوه بخبره، فشد على إبله فاستاقها، ثم قسمها في قومه[3].
على هذا النحو كانت الصعلكة عند عروة نزعة إنسانية نبيلة. وضريبة يدفعها القوي للضعيف، والغني للفقير، وفكرة اشتراكية تشرك الفقراء في مال الأغنياء، وتجعل لهم فيه نصيبا، بل حقا يغتصبونه إن لم يؤد لهم، وتهدف إلى تحقيق لون من ألوان العدالة الاجتماعية، التوازن الاقتصادي بين طبقتي المجتمع المتباعدتين: طبقة الأغنياء، وطبقة الفقراء، "فالغزو والإغارة للسلب والنهب" لم يعد عنده وسيلة وغاية، وإنما أصبح وسيلة غايتها تحقيق نزعته الإنسانية وفكرته الاشتراكية.

[1] الأغاني 18/ 215-216.
[2] الأغاني 3/ 78-79، والتبريزي: شرح حماسة أبي تمام 2/ 9.
[3] ابن السكيت: شرح ديوان عروة/ 181.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست