responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 45
إنه سريع كالظليم أو الظبية، بل إنه أسرع من كل شيء حتى الخيل الجياد والطير الجارحة فوق قمم الجبال. ويصرح أبو خراش بأن سرعة عدوه هي التي أنجته من موت محقق، فلولاها لآمت امرأته ويتم ابنه:
تقول ابنتي لما رأتني عشية ... سلمت وما إن كدت بالأمس تسلم
ولولا دراك الشد قاظت حليلتي ... تخير من خطابها وهي أيم
فتقعد أو ترضى مكاني خليفة ... وكاد خراش يوم ذلك يَيْتَم1
وفي لامية العرب صورة قوية لهذه السرعة نرى فيها الصعلوك يسبق القطا الظامئة وهي تسرع إلى الماء:
وتشرب أسآرى القطا الكدر بعدما ... سرت قربا أحشاؤها تتصلصل
هممت وهمت، وابتدرنا، وأسدلت ... وشمر مني قارط متمهل
فوليت عنها وهي تكبو لعقره ... يباشره منها ذقون وحوصل2
إنها مباراة طريفة يقدمها لنا الشاعر بينه وبين القطا في الوصول إلى الماء، تنتهي بفوزه عليها، وإدراكه الماء قبلها، بل لقد شرب وارتوى قبل أن تصل هي، فلما وصلت لم تجد إلا سؤرا تشربه من بعده.
ولعل أقوى صورة رسمها صعلوك لهذه السرعة هي تلك الصورة التي رسمها تأبط شرا، والتي نرى فيها الصعلوك يسبق الريح بسرعته الفائقة:
ويسبق وفد الريح من حيث يُنتحى ... بمنخرق من شده المتدارك3
بل إن الأمر ليصل بحاجز الأزدي إلى أن يفدي رجليه بأمه وخالته، وماذا أفاد من أمه وخالته سوى تلك الحياة القاسية المحتقرة التي جرتاها عليه بلونهما الأسود؟ أما رجلاه فهما كل شيء في حياته، ولولاهما لفقد الحياة

1 ديوان الهذليين 2/ 148. والأغاني 21/ 56، 57. وحماسة الخالديين "مخطوطة" ورقة رقم 25 - قاظت: أقامت.
2 القالي: النوادر/ 205 - القرب: طلب الماء ليلا. الأحناء: الجوانب. تتصلصل: تصوت. الفارط: المتقدم. العقر: مقام الساق من الحوض.
3 حماسة أبي تمام 1/ 48 - المنخرق: السريع. المتدارك: المتلاحق.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست