اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 311
نجد ذلك الطباق اللفظي الذي تبدو عليه الصبغة العقلية بين "فرع" و"أصل".
وفي تائية الشنفرى المشهورة نجد أمثلة أخرى من الطباق، مثل "دقت" و"جلت"[1]، و"حلو" و"مر"[2].
وليس الطباق هو اللون الطبيعي الوحيد في شعر الصعاليك، بل هناك ألوان أخرى كالجناس الذي نرى مثلا منه في بيت تأبط شرا السابق "قليل التشكي" بين "الهوى" و"النوى" وبين قافية هذا البيت وقافية البيت الذي يليه، "المسالك" و"المهالك"، وبين "نحيضا" و"نحيفا" في قول الأعلم:
وقدح يخور خوار الغزا ... ل ركبت فيه نحيضا نحيفا3
كما نرى أمثلة أخرى في قوافي لامية أبي خراش حيث تتتابع أبياتها الأولى هكذا: قليل. جليل، جميل، عقيل، مقيل، ثقيل[4]، مؤلفة أمثلة متتابعة من الجناس اللفظي الناقص، بين قوافي البيتين الأول والثاني، ثم الثاني والثالث، ثم الرابع والخامس والسادس.
كما نرى أمثلة غيرها في شعر أبي خراش أيضا بين "العقم" و"الرقم" وبين "جاجة" و"عاجة" في بيتين متتاليين من ميمية له[5].
كما نلاحظ مثلا من جناس الاشتقاق في قول الأعلم يصف الرعد:
أجش ربحلا له هيدب ... يكشف للخال ريطا كشيفا6
والشيء الذي لا شك فيه هو أن أكثر هذه الألوان البديعية لم يقصد إليها الشعراء الصعاليك قصدا، وإنما جاءت عفوا في أثناء تعبيراتهم؛ إذ إن هذه الألوان التي تعتمد على نوع من التلاعب اللفظي لم تكن بالألوان الفنية التي يحرص عليها الشعراء الجاهليون، أو التي يقصدون إليها قصدا متعمدا، أو التي يتخذون منها أسسا لمذاهبهم الفنية. [1] البيت 12 من القصيدة في المفضليات / 202. [2] البيت 33 من القصيدة في المصدر نفسه / 207.
3 شرح أشعار الهذليين 1/ 49 - النحيض هنا: السنان الرقيق، من نحض السنان إذا رققه. [4] ديوان الهذليين القسم الثاني/ 116، 117. [5] ديوان الهذليين القسم الثاني/ 129.
6 شرح أشعار الهذليين 1/ 42 - الربحل: الضخم الطويل. والخال هنا: السحاب لا يخلف مطره أو البرق. والريط: جمع ريطة وهي الملاءة من نسج واحد وقطعة واحدة، أو كل ثوب لين رقيق.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 311