responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 216
الذين يرون أنهم قادرون على شيء يعجز عنه بعض الناس، على نحو ما نرى في قول الأعلم:
فلا وأبيك لا ينجو نجائي ... غداة لقيتهم بعض الرجال1
ولكن ذا الكلب لا يرضى بهذه "البعضية"، وإنما يوسع حكمه حتى تشمل كل ذي قدم:
فجئت لا يشتد شدى ذو قدم2
بل إن أبا خراش لا يرضى بالبشر طرفا ثانيا في هذه المباراة كأنما يرى أن البشر أبطأ من أن يصلحوا لها. وإنما يعقد المباراة بينه وبين حمار الوحش، ذلك الحيوان المشهور بسرعة العدو، ومع ذلك فحمار الوحش لا يستطيع أن يجاريه في عدوه:
أقبلت لا يشتد شدى واحد ... علج أقب مسير الأقراب3
وقد رأينا حاجز يتحدث إلى صاحبته الجميلة المتأنقة عن فرته دون أن يجد في هذا الحديث غضاضة، وما من سبب لذلك سوى إعجابه بنفسه إذ استطاع النجاة من أعدائه عدوا على قدميه، فهو في هذا الحديث كأنما يقدم إلى صاحبته لونا من ألوان البطولة التي يراها جديرة بإعجابها، حتى ليتساءل في أول حديثه في لهفة ظاهرة "ألا هل أتى ذات الخواتم فرتي؟ ".
وهم يتحدثون عن هذه الميزة أيضا حديث المعجبين بها، المقدرين لقيمتها في حياتهم. يصرح حاجز بأن الفضل الأكبر في نجاته من بعض مواقفه الضيقة لا يرجع إلى قتاله، وإنما يرجع إلى عدوه، وهو -لهذا ولشدة إعجابه برجليه اللتين أتاحتا له هذا العدو- لا يتورع من أن يفديهما بأمه وخالته، وماذا جنى

1 شرح أشعار الهذليين 1/ 60.
2 المصدر السابق / 239، وتُروى لأبي خراش، وقد قلنا في الفصل السابق إن هذا الاختلاف لا يضيرنا في هذا الدراسة لأنه اختلاف داخلي.
3 ديوان الهذليين 2/ 169، وتُروى لتأبط شرا وللأعلم، والقول في هذا كالقول في البيت السابق - والعلج: حمار الوحش السمين القوي. والأقب: الضامر البطن. ومسير الأقراب: أي مخطط الخاصرتين.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست