اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 190
لست لمرة إن لم أوف مرقبة ... يبدو لي الحرف منها والمقاضيب
في ذات ريد كذلق الفأس مشرفة ... طريقها سرب بالناس دعبوب
لم يبق من عرشها إلا دعامتها ... جذلان: منهدم منها ومنصوب1
ولكن أبا خراش يختلف هنا عن زملائه شعراء المراقب، فهو لم يكن وحيدا فوق مرقبته، وإنما كان معه صاحب له، وهو معني بصاحبه أكثر من عنايته بنفسه، فهو صاحب حذر قوي النفس لم يرض لها أن يكون عبدا راعيا، وإنما آثر أن يكون صعلوكا عاملا، يتربص فوق المراقب في سواد الليل، رافضا تلك الراحة البغيضة التي ينعم بها الضعفاء الذين لا خير فيهم، ممن يؤثرون النوم والدفء على العمل والكفاح:
بصاحب لا تنال الدهر غرته ... إذا افتلى الهدف القن المعازيب
بغثته بسواد الليل يرقبني ... إذ آثر النوم والدفء المناجيب2
ويمضي أبو خراش بعد ذلك مضيفا إلى صورة صاحبه خطين آخرين، فهو قائم فوق هذه المرقبة كأنه السهم، ثم هو سمح النفس على نحافته وقلة لحمه:
يظل في رأسها كأنه زلم ... من القداح به ضرس وتعقيب
سمح من القوم عريان أشاجعه ... خف النواشر منه والظنابيب3
1 ديوان الهذليين 2/ 159، 160 - أوفى: أشرف. الحرف من الجبل: أعلاه المحدد، وقد رجحنا من قبل أنها هنا تحريف صوابه "الحرث" بمعنى النبات، بدليل "المقاضيب" التي تأتي بعدها، وهي الأرض تنبت النبات الرطب. ذلق الفأس: حدها. السرب: الشائع الذي يتسرب فيه الناس بعضهم في إثر بعض. الدعبوب: الموطوء. الجذل: العود.
2 ديوان الهذليين 2/ 160 - افتلى الهدف أي فلاه من أهله، أي عزله وفصله. الهدف: الثقيل الوخم من الرجال. القن: الذي أبوه عبد وأمه أمة. المعازيب: الإبل والشاء التي تعزب عن أهلها في المرعى. يريد بصاحب ليس براع تبعده إبله وشاؤه عن أهله. المناجيب: الضعفاء الذين لا خير فيهم.
3 المصدر السابق/ 161 - الزلم بفتح الزاي وضمها: القدح لا ريش عليه. الضرس: تأثير العض. عريان أشاجعه يعني ليس بكثير اللحم. النواشر: عصب ظهر الكف. الظنابيب: عظام الساق أو حرفها.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 190