اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 144
وشذاذ الأحياء، وصعاليك القبائل التي تنزل بعيدا عن طرق القوافل، ووقفوا يتربصون بها في مواسم مرورها، ويقطعون عليها الطرق، وينتهبون ما يقدرون على انتهابه، ليتقاسموه فيما بينهم، ويشركوا فيه أحيانا أولئك الصعاليك الضعاف والمرضى والمسنين ممن حالت ظروفهم الخاصة دون المشاركة في الغزو والغارة.
ومن الطبيعي أن يتربص هؤلاء المتمردين من الصعاليك بالقوافل الصغيرة؛ لأنها غنيمة أيسر منالا، وأضمن عاقبة، ويحدثنا ابن قتيبة عن فاتكين التقيا "فسارا حتى لقيا رجلا من كندة في تجارة أصابها من مسك وثياب وغير ذلك" فتربصا به، حتى قتلاه واقتسما ماله[1]. ولهذا كان أصحاب القوافل يحرصون -إلى جانب ما كانوا يتخذونه من وسائل لسلامة قوافلهم- على أن تكون هذه القوافل كبيرة ضخمة كثيرة العدد، وقد بلغت قافلة قريش التي تصدى لها المسلمون عند بدر ألف بعير[2]، وبلغ عدد الرجال المرافقين لها قريبا من سبعين راكبا في بعض الروايات[3]. وثلاثين أو أربعين في رواية أخرى[4]، ويصفها ابن إسحاق بأنها "عير عظيمة"[5]، وكانت بعض قوافل قريش تصل إلى ألفين وخمسمائة بعير[6]، وكان مرافقو بعض هذه القوافل يبلغون أحيانا ثلاثمائة[7]، وقد رأى سترابو قافلة من قوافل العرب التجارية وشبهها بالجيش[8]، ويذكر لامانس أن هذه القوافل كانت تتميز عادة بضخامتها العددية[9].
ومع ذلك لم يحل هذا كله دون استمرار حركات المتمردين ضد هذه [1] عيون الأخبار، المجلد الأول 2/ 181، 182. [2] الواقدي: المغازي/ 20. [3] تاريخ الطبري 2/ 267. [4] المصدر السابق/ 270. [5] المصدر نفسه/ 270. [6] الواقدي: المغازي /2. [7] المصدر السابق/ 7. [8] o'leary; arabia before muhammad, p. 185. & lammens; la mecque a la veille de l'hegire, p. 178 = 274. [9] la mecque a la veille de l'hegire, p. 178 = 274.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 144