اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 120
يتلعب به صعاليك العرب ويتخطفه ذئابها فتأكل ما له، وفي أخبار معبد بن زرارة "أن قيسا أسرته يوم رحرحان فساروا به إلى الحجاز، فأتى لقيط "أخوه" في بعض الأشهر الحرم، ليفديه فطلبوا منه ألف بعير، فقال لقيط: إن أبانا أمرنا ألا نزيد على المائتين فتطمع فينا ذؤبان العرب"[1].
وهنا يجدر بنا أن نقف لنلاحظ أن هذا الأسلوب من أساليب العيش الذي سلكه صعاليك العرب لم يكن إلا صورة من الحياة الاجتماعية التي كان يعرفها المجتمع الجاهلي، ذلك المجتمع الذي كان يؤمن بأن "الغزو أدر للقاح، وأحد للسلاح"[2]. وليس من شك في أن المجتمع الجاهلي كان يؤمن بالقوة إيمانا جعلها من مقومات حياته، وجعل الغزو أساسا من الأسس التي يقوم عليها بناؤه[3]، "فبقدر ما كان التناصر بين أفراد القبيلة، كان التخاصم بين القبائل في سبيل الشرف والرياسة أو المال والعيش، لذلك كانت حياة القبائل الجاهلية حمراء مصبوغة بالدم"[4] يتسابق أفرادها إلى الجهل، بل يحرص كل منهم على أن يجهل "فوق جهل الجاهلينا"[5]، مؤمنين بالظلم وبأن "من لا يَظلم الناس يُظلم"[6]، وبأن في الشر نجاة حين لا ينجيك إحسان[7]، وبأن "الشهرة بالشر خير من ألا أُعرف بخير ولا شر"[8].
ولعل عمل الصعاليك "كان استئناسا بعمل القبائل معا؛ إذ كانت حياته قائمة إلى حد ما على الغزو والسلب، والفرق بين الصورتين أن عمل القبائل جماعي منظم، وعمل الصعاليك فردى لا نظام له"[9]. [1] المبرد: الكامل/ 276. [2] ابن قتيبة: عيون الأخبار 1/ 244. [3] lammens; le berceau de i'islam, vol. i, p. 247. [4] أحمد الشايب: تاريخ الشعر السياسي/ 27. [5] عمرو بن كلثوم في معلقته "التبريزي: شرح القصائد العشر/ 249". [6] زهير بن أبي سلمى في معلقته "المصدر السابق/ 127". [7] الفند الزماني "التبريزي: شرح حماسة أبي تمام 1/ 14". [8] الجاحظ: الحيوان 2/ 90. [9] أحمد الشايب: تاريخ الشعر السياسي/ 35.
اسم الکتاب : الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي المؤلف : يوسف خليف الجزء : 1 صفحة : 120