ابن مروان، فمررنا بالماء الذى عليه عزّة، فسلّمنا جميعا على أهل الخباء، فقالت عزّة: عليك يا سائب السلام، ثم أقبلت على كثيّر فقالت: ألا تتّقى الله، أرأيت قولك:
بآية ما أتيتك أمّ عمرو ... فقمت بحاجتى والبيت خالى
ويحك خلوت معك فى بيت قطّ!! فقال: لم أقله ولكنّى الذى يقول:
فأقسم لو أتيت البحر يوما ... لأشرب ما سقتنى من بلال
وأقسم أنّ حبّك أمّ عمرو ... لدى جنبى ومنقطع السّعال
قالت: أمّا هذا فعسى. قال السائب: فأتينا عبد العزيز بن مروان فانصرفنا ومررنا بهم، فقال كثير: السلام عليك يا عزّة، فقالت: عليك السلام يا جمل، فقال كثيّر:
حيّتك عزّة بعد الوصل وانصرفت ... فحىّ ويحك من حيّاك يا جمل
لو كنت حيّيتها ما زلت ذا مقة ... عندى وما مسّك الإدلاج والعمل [1]
ليت التّحيّة كانت لى فأجعلها ... مكان يا جملا حيّيت يا رجل [2]
895* وخرج كثيّر إلى مصر وعزّة بالمدينة، فاشتاق إليها، فقام إلى بغلة له فأسرجها، وتوجّه نحو المدينة لم يعلم به أحد، فبينا هو يسير فى التّيه بمكان يقال له فيفاء خريم [3] ، إذا هو بعير قد أقبلت (من ناحية المدينة) ، فى أوائلها محامل فيها نسوة، وكثيّر متلثّم بعمامة له، وفى النسوة عزّة، فلمّا نظرت إليه
[1] المقة: المحبة.
[2] هـ «يا جمل» فيضبط والتنوين، وقد روى البيت بذلك شاهدا على ضم المنادى المنون للضرورة. وهو فى شواهد العينى 4: 214- 215 وقال: «الاستشهاد فى قوله يا جمل حيث نونه مضموما، ويروى يا جملا بالنصب، المشهور الضم» . [3] فى البلدان: «الفيف: المفازة التى لا ماء فيها من الاستواء والسعة، فإذا أنث فهى الفيفاء.. وقد أضيف إلى عدة مواضع» ثم ذكر منها «فيفاء خريم» .