عليكم بالنار، فاجتمعوا، والتفع بثوبه ناحية ينظر إلينا، لا والله ما ذاق منه مزعة [1] ، وإنه لأحوج إليه منّا، فأصبحنا وما على الأرض من الفرس، إلّا عظم أو حافر، (فعذلته على ذلك) ، فأنشأ حاتم يقول:
مهلا نوار أقلّى اللّوم والعذلا ... ولا تقولى لشىء فات: ما فعلا
ولا تقولى لمال كنت مهلكه ... مهلا، وإن كنت أعطى الجنّ والخبلا [2]
يرى البخيل سبيل المال واحدة ... إنّ الجواد يرى فى ماله سبلا
لا تعذلينى فى مال وصلت به ... رحما، وخير سبيل المال ما وصلا [3]
410* وأتى حاتم ماويّة بنت عفزر يخطبها، فوجد عندها النابغة الذّبيانىّ ورجلا من النّبيت يخطبانها، فقالت لهم: انقلبوا إلى رحالكم، وليقل كلّ رجل منكم شعرا يذكر فيه فعاله ومنصبه، فإنى متزوّجة أكرمكم وأشعركم، فانطلقوا، ونحر كلّ رجل منهم جزورا، ولبست ماويّة ثيابا لأمة لها واتّبعتهم، فأتت النّبيتىّ فاستطعمته، فأطعمها ذنب جزوره، فأخذته، وأتت النابغة فأطعمها مثل ذلك، فأخذته، وأتت حاتما وقد نصب قدوره، فاستطعمته، فقال: انتظرى حتّى تبلغ القدر إناها [4] ، فانتظرت حتى بلغت، فأطعمها أعظما من العجز وقطعة من الحارك [5] ، ثم انصرفت، وأهدى إليها النابغة والنّبيتىّ ظهرى جزوريهما، وأهدى إليها حاتم مثل ما أهدى إلى امرأة من جاراته، وصبّحوها، فاستنشدتهم، فأنشدها النّبيتىّ: [1] المزعة: القطعة من اللحم ونحوه. وفى س ف «مضغة» .
[2] الخبل، بفتحتين: الجن، أو ضرب من الجن يقال لهم الخابل. والبيت فى اللسان 13:
209.
[3] الرحم، بكسر الراء وسكون الحاء، والرحم، بفتح فكسر: القرابة. [4] إنى الشىء: بلوغه منتهاه وإدراكه، مقصور، يكتب بالياء. [5] الحارك: أعلى الكاهل.