القرآن الكريم وسر إعجازه
جرت العادة الإلهية في خلقه أن يبعث إلى كل أمة نبيا مؤيدا بمعجزة خارقة من جنس ما فاقت به تلك الأمة وامتازت به على غيرها من الأمم.
وحين ولد الهدى وآن لديجور الجاهلية أن ينجلي وحان لنور الإسلام أن ينبثق في قلب الجزيرة العربية مطاردا ظلمات الغواية. بعث الله تعالى نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام في أمة امتازت بالبيان حيث مدت عليهم الفصاحة ظلها وأهدتهم بنات البلاغة حليها فكانوا ينبوع الفصاحة ودوحة البلاغة وكان جهابذة الفصحاء منهم أهل المكانة مرموقة ورتب مرفوعة.
فأيد الله نبيه وخليله بمعجزة القرآن فما إن تلاه عليهم ذلك النبي الأمي وطرقت آذانهم آياته وسوره حتى وقفوا مع فصاحتهم أمامه ذاهلين وأيقنوا أن البشر لا يقوون على النسيج على منواله ولا الإبداع على مثاله، هز قلوب بلغائهم نظمه ولم تقو فرسان البيان على مسابقته.
هناك وقف العباقرة أمامه حائرين لأنه من كلام العلي القدير كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.
جاء القرآن بألفاظ عربية وتراكيب معهودة لدى المخاطبين فجاراهم في
عن معمر عن الزهري قال لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من الشعر قيل قبله أو يروى عن غيره إلا هنا. وهذا يعارض ما في الصحيح عن الزهري أيضا لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات زاد ابن عائذ من وجه آخر عن الزهري إلا الأبيات التي كان يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبناء المسجد وأما إنشاده متمثلا فجائز يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أبالي شربت ترياقا أو تعلقت بتميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي" أخرجه أبو داود وغيره.
فقوله: "من قبل نفسي" احترازا عما إذا أنشده متمثلا فقد وقع منه ذلك كما ثبت في الأحاديث الصحيحة".
إذا علمت هذا عرفت أن الرسول الأمين لم يكن من أولئك الذين يقولون القصائد أو يجتذبهم حفظ الشعر ولا من الذين يتتبعون مواقعه ويغرمون بنغماته وتواقيعه.
كان الرسول الكريم ذلكم النبي الأمي بعيدا كل البعد عن مثل هذه الأمور لأنه مهيأ لسماع النغمات القدسية والألفاظ الربانية لسماع الوحي المعظم.
لذا لم يكن شاعرا وما ينبغي له. إذ رتبته التي هيئ لها أسمى المراتب على الإطلاق ومنزلته أعلى المنازل بالاتفاق.