الأمثال وكثرة التشبيهات والاستعارات".
قلت: ومن هنا نعرف الفرق بين الشعر والنثر حيث أن الأول يعتمد على الوزن والقافية ويكسو المعاني من جمال التشبيه وحسن الاستعارة وبراعة الكناية وضروب المجاز حللا خيالية بخلاف الثاني. والغرض المقصود من توحيد الوزن والقافية الحفاظ على جرس اللفظ لسلاسته في النطق وخفته على السمع والارتياح لقبوله.
وربما أطلق العرب الشعر على النثر المسجوع المشتمل على الخيال المؤثر المسجوع المشتمل على الخيال المؤثر في الوجدان، ومنه ما ورد أن حسان بن ثابت رضي الله عنه سمع ابنه يصف زنبورا لسعه بقوله: "كأنه ملتفٌ في يزدي حبره" فقال له: "شعر ورب الكعبة".
والشعر عند العرب صفة قديمة لهم ولا يمكن تحديد بدء ظهوره فإنه ما سمع في التاريخ القديم إلا وهو محكم مقصّد وإن كان تهذب أسلوبه وتشعبت مناحيه وتطور فنه حينما اختلفت العُصُر وبدت الحوادث ورقي بني الإنسان في عالم المادة.
قال الأديب الكبير أحمد حسن الزيات ومما يدل على أن الشعر قديم العهد قول امرئ القيس:
عوجا على الطلل القديم لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حزام
وقول عنترة:
هل غادر الشعراء من متردّم.
وقول زهير:
ما أرانا نقول إلا معارا ... أو معارا من قولنا مكرورا1
1 تاريخ الأدب العربي ص28 _طبعة دار نهضة مصر. مكانة الشعر العربي
مما لا شك فيه أن كثيرا من الشعر العربي له اليد الطولى في المساهمة في تفسير كثير من ألفاظ الشريعة الواردة في الأصلين العظيمين والمصدرين الكريمين الكتاب والسنة إذ بواسطة الشواهد والأدلة من الأدب العربي نستعين على فهم كتاب الله الكريم وسنة صاحب الخُلق العظيم.
وبواسطته بحث علماء اللسان الأساليب المختلفة والتراكيب المتنوعة في الشعر العربي فأرسوا قواعدهم وأصلوا أصولهم مستقين من معينه ومستضيئين بنور مصباحه.
قال الأستاذ محمد أمين حنفي في موضوع الأدب الإسلامي مستعرضا الأسباب التي اقتضت محافظة المسلمين على الأدب