responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي المؤلف : حسين عطوان    الجزء : 1  صفحة : 191
واجتاح القلاع الحصينة، واجتاز من الأرض سهلها وجبلها، وافتتح من المدن والبلدان ما لم يخطر ببال من سبقه من العمال أن يزحف إليه، ولم يفكر في الإغارة عليه. وجعل ديدنه إعداد الخيول وتدريبها، فإذا هي لطول التمرين، ولكثرة ما بلت الحرب، لا تبالي بالمهالك، ولا تهاب الردى، حتى إنها لو أريدت على النار المستعرة لاقتحمتها، ولاحتملت وقع الرماح بنحورها وأعناقها، دون أن تحيد عنها أو تخاف منها. فبهذه الخيول الأصيلة الكريمة استباح قتيبة وجنده حصون الترك وهزم عساكرهم ولو تأخرت عنه المنية حينا من الدهر، لبلغ مطلع الشمس، ولاحتل كل بلاد الصين، بل لتعداها.
فالشاعر لم يفاخر بأصل قتيبة، ولا بماضي قبيلته، وإنما فاخر القبائل كلها، وطاول الخليفة نفسه بإدارته الحكيمة، ومنجزاته العظيمة، مما كان فيه الخير والقوة للعرب أجمعين، وما جعله أهلا لأن يكون بطلا من الأبطال الخالدين على مر الأجيال والسنين.
ولم تنحصر آثار هلاك قتيبة في مطاولة القبائل بعضها لبعض، ولا في عزو كل منها الدور الأساسي في قتله لنفسها، ولا في تصريحها أو تلويحها بأنها إنما أودت بحياته لأنه عصا الخليفة، وإنما أغرت بعض شعراء اليمنية بالكشف عن دخائل نفوسهم وعدائهم الدفين لتميم، فإذا شاعر كالزغل الجرمي ينذر بني تميم بأن اليمنية سينتقمون منهم لأنهم ناصروا عبد الله بن خازم على الأزد وربيعة، إذ يقول1:
أبعد قتيلينا بمرو تعدنا ... تميم نسينا أو ترجي لنا نصرا
فنحن مع الساعي عليكم بسيفه ... إذا نحن آنسنا لعظمكم كسرا
ربيعة لا تنسى الخنادق ما مشت ... ولا الأزد قتلتم سراتهم قسرا
فرد عليه جرير بن عرادة التميمي بقصيدة فخرية منها قوله2:
وقد قلت للزغلي لا تنطق الخنا ... فإني لم أفخر عليك بباطل3

1 نقائض جرير والفرزدق 1: 369.
2 المصدر نفسه ص: 369- 370.
3 الخنا: أفحش الكلام وأقبحه.
اسم الکتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي المؤلف : حسين عطوان    الجزء : 1  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست