responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق المؤلف : الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 176
كان قد بلغ مسامع حاكم الجزيرة أن الفارياق قدم إليها لتعبير الأحلام وإنه خبير بهذا الفن جداً. وأن به ملكة أيضا على إصلاح البخر. فبعث إليه ذات يوم بعض حجاّبه يقول لهان الحاكم يدعوك إليه لمسألة مهمة فلابد من أن تفد عليه. فلما حانت الساعة توجه الفارياق إليه وهو موجس من أن يكون الحاكم قد حلم حلما حكيماً جليلا يعسر عليه تعبيره. لأن العظماء لا يحلمون إلا الأحلام العظيمة. فهم منزهون عن جلاهق القنّبيط ووهي المفتاح والصرع وغير ذلك من الأحوال الخسيسة اللائقة بالصعاليك. فلما مثل بمجلس الحاكم قال له قد بلغني قدومك إلى هذه الجزيرة عند الخرجي. وإنه قد ضايقك بكثرة أحلامه وما كفاه ذلك حتى علم زوجته أيضاً أن تحلم مثله. فهل لك الآن في تعاطي مصلحة لدينا تخفف عنك أحلامه وتثقل كيسك. قال ما هي يا سيدي؟ قال إن عندنا في هذه الجزيرة قوما بخرا لا يطيق أحد أن يفهم منهم شيئا إذا تفوهوا لشدة بخرهم. وقد سمعت انك قادرا على علاجهم فهل لك في إصلاحهم ولك عندنا مكافأة الحسنة. قال الأمر إليك يا سيدي ولكني كاهن المعّبر. قال أنى باعث الآن إلى الخرجي من يخبره بذلك فلا تخش منه ضيرا. قال جزاك الله خيراً أنك أهل للخير والفضل. ثم انصرف من حضرته من غير أن يرجع القهقري. لان حكام الإفرنج لا ينكرون على الرجل أن يروا منه قفاه أو ظهره أو بطنه لا بل بطونهم أظهر من ظهورهم.
فلما بلغ إلى منزله واخبر زوجته بذلك وكانت قد ابتدأت تتهجى قالت. بورك من يوم أني رأيت فيه بدكان جوهري عقدا نفسياً. وكأني رأيت عليه حروفاً ظهر لي أنها ك س ب ال ب خ ر فهل يخرج منها معنى. قال يخرج منها معنى أني اشتريه لك من الدراهم التي تحصل لي من وظيفة البخر. قالت نعم فإني كنت أسمع أمي تقول لأبي أن الرجل إذا بذل رأس ما يتحصل بيده من الأموال في شراء حلي ولباس لزوجته بارك الله له في ذنبها. أي في ذنب الأموال لا في ذنب امرأته. قال فما الفائدة إذاً من هذا البذل إذا لم تشمل البركة الطرفين؟ قالت لزيادة جمال زوجته. قال أما أنا فراض بما فيك من الحسن الطبيعي فلمن هذه الزيادة. قالت هي تزيدك حباً إليّ. وتبعث غيرك أيضا على أن يحسدوك عليّ. ويتمنوا لو أني كنت لهم. قال اللهم اكفني شر المزيد. ولكن لابد من شراء العقد. فهو أولى من انحلال العقد. فوعدها بذلك فاتعدت بحمد الله ولمست جيدها. فلما مضى الشهر وقبض المرتب له أنجز لها وعده. فقالت هو من دراهم البخر ولكنه أحسن من الندّ. لقد قسم الله بيننا أعدل قسمة خذ أنت دراهم الهُلج واعطني دراهم البخر. فقد رضيت بهم. قال فقلت لها لا تقولي بهم ولكن بها. فإن بهم يرجع إلى البخر. قال فهي نمت بكلام لم اسمعه كله وإنما سمعت من آخره قولها وأي ضرر من هم. فقلت لها وأي حيزبون أنت. فالتفتت إلى الباب فلم تر أحداً فقالت أين الزبون؟ ثم استمر الفارياق في الوظيفتين المذكورتين معبراً ومصلحاً مدة مكنته من حل مشاكل زوجته. وأتخذ له متاعاً فاخراً وآنية وصار يدعو ويصنع لهم ولائم.

اسم الکتاب : الساق على الساق في ما هو الفارياق المؤلف : الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست