اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 76
وفي المأثور من الخبر: " تاركوا الترك ما تاركوكم ". وهذه وصيةٌ لجميع العرب؛ فإن الرأي متاركتنا ومسالمتنا. وما ظنكم بقومٍ لم يعرض لهم ذو القرنين. وبقوله " اتركوهم " سمُّوا الترك. هذا بعد أن غلب على جميع الأرض غلبةً وقسراً، وعنوةً وقهراً.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " هذا عدوٌّ شديدٌ كلبه، قليل سلبه ". فنهى كما ترى عن التعرض لهم، بأحسن كناية.
والعرب إذا ضربت المثل في العداوة الشديدة قالوا: ما هم إلا الترك والديلم.
قال عملس بن عقيل بن علفة:
تبدلت منه بعد ما شاب مفرقي ... عداوة تركي وبغض أبي حسل
وأبو حسل هو الضَّبّ. والعرب تقول: " هو أعقُّ من ضبّ "؛ لأنه يأكل أولاده.
ولم يرعب قلوب أجناد العرب مثل الترك. وقال خلفٌ الأحمر:
كأني حين أرهنهم بنيَّ ... دفعتهم إلى صهب السبال
قال: وإياهم عني أوسٌ بن حجر:
تكّبتها ماءهم لما رأيتهم ... صهب السبال بأيديهم بيازير
اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 76