responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 67
الحقيقة، ورحل نفسه لقطيعة وطنه، وآثر الإمام على ملك الجبرية، واختار الصواب على الإلف.
ثم اعلم بعد هذا كله أن كل أمةٍ وقرنٍ، وكل جيلٍ وبني أبٍ وجدتهم قد برعوا في الصناعات، وفضلوا الناس في البيان، أو فاقوهم في الآداب، وفي تأسيس الملك، وفي البصر بالحرب؛ فإنك لا تجدهم في الغاية وفي أقصى النهاية، إلا أن يكون الله قد سخرهم لذلك المعنى بالأسباب، وقصرهم عليه بالعلل التي تقابل تلك الأمور، وتصلح لتلك المعاني؛ لأن من كان متقسم الهوى، مشترك الرأي، ومتشعب النفس، غير موفر على ذلك الشيء ولا مهيَّأٍ له، لم يحذق من تلك الأشياء شيئاً بأسره، ولم يبلغ في غايته، كأهل الصين في الصناعات، واليونانيين في الحكم والآداب، والعرب فيما نحن فيه ذاكروه في موضعه، وآل ساسان في الملك، والأتراك في الحروب. ألا ترى أن اليونانيين الذين نظروا في العلل لم يكونوا تجاراً ولا صناعاً بأكفهم، ولا أصحاب زرعٍ ولا فلاحة وبناءٍ وغرسٍ، ولاأصحاب جمعٍ ومنعٍ، وحرصٍ وكدٍّ، وكانت الملوك تفرغهم، وتجري عليهم كفايتهم،

اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست