اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 62
لصاحبٍ لي: انظر أي شيءٍ اتفق لنا. أشهد أن المعتصم كان أعرف بهم حين جمعهم واصطنعهم.
وأردت مرة القاطول - وهي المباركة - وأنا خارجٌ من بغداد، وأرى فوارس من أهل خراسان والأبناء وغيرهم من أصناف الجندي، قد عار لهم فرس، وهم على خيلٍ عتاق يريغونه فلا يقدرون على أخذه، ومر تركيٌ ولم يكن من ذوي هيئاتهم وذوي القدر منهم، وهو على برذونٍ له خسيس، وهم على الخيول المطهمة، فاعترض الفرس اعتراضاً، وقتله قتلاً وحياً؛ وأتاه من زجره بشيءٍ، فوقف أولئك الجند وصاروا نظارة، فقال بعضهم ممن كان يزري على ذلك التركي: هذا وأبيك التكلف والتعرض: أن فرساً قد أعجزهم وهم أسد البلاد، وجاء هذا مع قصر قامته وضعف دابته، فطمع أن يأخذه. فمى انقضى كلامه حتى أقبل به ثم سلمه إليهم ومضى لطلبته، لم ينتظر ثناءهم ولا دعاءهم، ولا أراهم أنه قد صنع شيئاً، أو أتى إليهم معروفاً.
والأتراك قومٌ لا يعرفون الملق ولا الخلابة، ولا النفاق ولا السعاية، ولا التصنع ولاالنميمة ولا الرياء، ولا البذخ على الأولياء، ولا البغيَ على الخلطاء، ولا يعرفون البدع، ولم تفسدهم الأهواء، ولايستحلُّون الأموال على التأوُّل، وإنما كان عيبهم، والذي يوحش منهم، الحنين إلى الأوطان، وحبُّ التقلب في البلدان، والصبابة بالغارات، والشغف بالنهب، وشدة
اسم الکتاب : الرسائل المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 62